حمى :
الحِمْيَة : المَنْع ممّا يضرّ ، كالحِمْيَة من اللّحوم فى الأمراض الحارّة ، ومن المغلّظات الباردة فى الأمراض الباردة.
واعلمْ أنّ الحِمية المعروفة بين النّاس بأنّها الانقطاع عن الطّعام والشّراب ، ليست من صَنعَة الطّبّ فى شىء.
فليست الحِمْيَة فى تجنّب الأغذية ، ولو كانت رديئة ،. ولا أعرف أحدا عَظُم قَدْرُه أو صَغُر ، يصل إلى الإمساك عن غذاءٍ من الأغذية كلّ دهرِه إلّا أنْ يكون يُبْغِضُه ، ولا تَتوق نفسُه إليه. لأنّ الإنسان قد يُمسك عن أكل الشّىء برهة من عمره ، لِعلّة تمنعه ، ثمّ تحدُث له شَهوة تَتجدّد عليه ، فمتى أكل منه ، ولم تكن طبيعتُه قد اعتادته ، نَفَرَ بدنُه عن قَبوله ، وأحدث ذلك فيه ضررا كبيرا ، يوصله إلى المرض.
والأصلح للأبدان تَمرينُها برفق على أكل الأغذية ، ما جاد منها وما كان رديئا ، لتعتاد الطّعام الرّدىء احتياطا لما قد يقع ، حتّى تألفها ، فلا تمرض عنها إنْ دخلت إليها بغتة. فإنْ أراد ذلك فلا بُدّ أنْ يأكل منها شيئا رديئا واحدا فى وقت واحد ، ولا يجمع شيئين رديئين فى يوم واحد. فانّ مران الأجسام يُعَطِّل مضارّ الأغذية الرّديئة متى كانت قليلة مُحْتَمَلَةً ، فلمْ تَعُدْ تنفر منها.
وقد رأينا الأدوية المسهِّلة إذا أدمنها مُدمن ، وألِفَها بدنُه قلّ فِعلها وتأثيرها. فقد رأينا فى المشرق أنّ مقدار نصف درهم من السَّقْمُوْنْيا (١٤٧) يُليّن الطّبيعة ، أمّا عند أهل الأندلس فإذا أراد أحدهم إسهال طبيعته أخذ من السّقمونيا مقدار خمسة دراهم ، وقد لا يفعل هذا المقدار ، عند من تَعوَّد على ذلك الدّواء ، شيئا.
والحُمَة : سُمُّ كلِّ شىء يلذَع ويلسَع. وقال الخليل : وهى فى أفواه العامة إبْرَة العَقرب والزُّنبور (١٤٨).
وفى الحديث أنّه ، صلىاللهعليهوسلم ، رَخَّص فى الرُّقْيَة من كلّ ذِى