عُفونة الأخلاط ، بل ما يحدث عن حرارتها ، وإنّما سُمِّى الجميع عَفنيّة لأنّها عن عُفونة إلّا حُمَّى سُونوخس التى عن حرارة الدّم. وما ظنّه جالينوس من أنّها من قَبيل حُمَّى يومٍ ، فهو ظنّ فاسد ، لأنّ الحرارة فى حُمَّى يوم متعلّقة بالأرواح والقُوَى ، وفى هذه متعلّقة بالدّم ، ولأنّ حُمَّى يوم فى الأكثر بلا استفراغ محسوس ، وأمّا هذه فإنّها تحتاج إلى استفراغ ، وحينئذ لا تنحصر أجناس الحُمَيّات فى الأقسام الثّلاثة. فالواجب فى حضرها أنْ يقال : الحُمَّى لا تخلو إمّا أن تكون متعلّقة بالأعضاء أو لا ، فإن كانت متعلّقة بها فهى حمّى الدّقّ. وإنْ لم تكن متعلّقة بها ، فلا يخلو إمّا أن يكون معها عَفَن أو لا فإنْ كان فهى عفنيّة وإن لم يكن معها عَفَن ، فلا يخلو إمّا أن تكون متعلّقة بما هو ذو قوام أو لا ، فإن كان الأوّل فهى حمَّى سُونوخس ، وإنْ كان الثّانى فهى حمَّى يوم.
أمّا الحمَّى اليوميّة فهى أن تَسْخن الرّوح والقُوَى أوّلاً ، ثم تتأدَّى تلك الحرارة إلى القلب وتسرى منه إلى الأخلاط والأعضاء. وهى تحدث عن أسباب بادية :
ـ إمّا عن غَمّ مفرط أو هَمّ قَويّ. وعلامتها ناريّة البَول وحِدّته عند خروجه ، وصُفرة الوجه ، ويكوت النّبض فى الغَمّية ضعيفا ، وفى الهَمّيّة قويّا. وعلاجها الاستحمام بالماء الفاتر العذب القَوىِّ ، واستعمال المفرّحات الباردة ، وإذْهاب الغَمّ بالملاهى ونحوِها.
ـ وإمّا عن غضَب شديد ، وعلامتها حُمرة الوجه ، وجُحوظ العينين ، احمرارها ، وعِظَم النّبض ، وحمرة البول. وعلاجها تسكين النَّفْس بالمفرِّحات الباردة المُقوّية للقلب ، وصَبّ الماء البارد على الرّأس والوجه والصّدر ، وتضميده بالصَّنُدَل.
ـ وإمّا عن سَهَر مُفْرِط ، وعلامتها تَقَدُّمُه. وعلاجها التّرطيب والتّنويم.
ـ وإمّا عن إسهال مفرط ، وعلامتها تَقَدُّمه وعلاجها حَبْسُه.
ـ وإمّا عن وَجَع شديد ، وعلامتها وجوده وعلاجها تسكينه.