ـ وإمّا عن جوع طويل أو عَطش شديد ، وعلامتها تَقَدُّم وجود ما ذُكِر. وعلاجها بماء الشّعير والماء البارد والرُّبُوب الباردة.
وقد تحدُث الحُمَّى عن غير ما ذُكِر.
وأمّا الحمّى العَفنيّة فهى أن تَسْخن الأخلاط أوّلاً بالعُفونة ثمّ تتأدَّى تلك السّخونة إلى الرّوح وجِرْم القلب ، ثمّ إلى سائر الأعضاء. والعُفونة تحدث فى الأخلاط بسبب السّدّة الحادثة عنها ، وذلك إمّا لكثرتها أو لغلظها أو للزُوجتها. وهى تَعْفَن إمّا داخل العُروق وإمّا خارجها :
فإن عَفنت داخلها حَدَث عنها الحُمَيّات الدّائمة لأنّها لا تتحلّل سريعا لكثافة جِرْم العروق. وبسبب اشتدادها تَعرض النّوائب التى تخصّ كل خلط منها. وإنْ عَفنت خارجها حَدَث عنها الحُمَيّات الدّائرة على قَدْر اجتماع تلك المادّة وعُفونتها.
ولذلك صارت الحُمَّى البلغميّة تنوب كلّ يوم لأنّ البلغم سَهْل التّجمُّع لكثرته ، سهل التّعفُّن لرطوبته.
والحمّى السّوداويّة تجىء رِبْعاً ، لأنّ السَّوداء عَسِرَة التّجمّع لقلّتها ، عَسِرَة التَّعَفُن لبَرْدِها ويُبْسِها.
والحمى الصّفراويّة تدور غِبّاً ، لأن الصّفراء كالمتوسِّطة بينهما.
وأصناف الحمّى العَفَنيّة اربعة على عدد الأخلاط.
أما الحمَّى الدّمويّة فإنّها تحدث :
ـ إمّا عن كثرة الدّم وغليانه بلا عُفونة وهذه تُسمَّى سُوْنُوْخَس. وعلامتها حُمرة الوجه والعين وانتفاخ الأوردة والتّمدّد والثّقل والكسَل وعِظَم النّبض وحُمرة البَول وغِلظه. وعلاجها الفَصْد ثمّ سقى الأشربة والرُّبوب القامِعة للدّم كشَراب العُنّاب ، ورُبّ الرِّيباس (١٤٥) والتّغذّى بالعَدَس والخَلّ.
ـ وإمّا عن عُفونة الدّم داخل العُروق. وعلامتها علامات سُونوخس ، والقَلَق والكرْب واللهيب. وعلاجها الفَصْد وتَليين الطّبيعة بماء التّمرهِندى والإجّاص.