|
وعلى ذلك فلا موجب لتخصيص التّوثيق بمشائخه الّذين يروي عنهم علي بن إبراهيم بلا واسطة ، كما زعم بعضهم. (١) |
أقول : لقائل أن يدعى العلم إجمالا بوجود عدّة من الضّعفاء في الأسانيد ؛ إذ من المتعسّر جدّا أن تكون تلك الرّوايات الكثيرة في كتابه كلّها ذات أسانيد نقيّة صحيحة ، نقلها الثّقات. فالمطلّع على حال الرّواة والرّوايات يقطع عادة بعدم صحّة إطلاق كلامه رحمهالله ، وهذا القطع يسقط حجيّة كلامه ، كما لا يخفى.
ويمكن أن يجاب عنه بأنّ عدّة من الرّواة الواقعين في أسناد روايات كتابه قد علم ضعفهم بتصريح النجّاشي أو الشّيخ أو غيره ، وهؤلآء لا بدّ من إخراجهم من هذا التّوثيق العامّ جمعا بين الكلمات. وبعد إخراج هؤلآء وإخراج من ثبت وثاقتهم بتوثيق علماء الرجال ليس لنا علم إجمالي بوجود ضعاف في المجهولين ، فلا مانع من العمل بظاهر كلامه رحمهالله.
هذا ولكن الأظهر خلاف هذا التّصوّر ؛ إذ ليس لكلامه صراحة ولا ظهور معتدبه ، في أنّ رواة رواياته كلّهم ثقات.
وبعبارة أخرى : لم يظهر منه الالتزام بأنّه لا يروي عن غير الثّقة ، بل مفاد كلامه أنّه يروي ويخبر بما انتهى إليه من روايات المشايخ والثّقات ، وأمّا انّه لا يروى عن غير الثقات فهذا غير مفهوم منه ؛ إذ لا حصر في كلامه كما هو موجود في كلام ابن قولويه السّابق.
ويؤيّد هذا ، أو يدلّ عليه أمران :
الأوّل : إنّه على القول الأوّل لا بدّ من القول بحجيّة مراسيله بدليل انّه يروي عن الثّقات ؛ إذ هو رحمهالله لم يلتزم بأنّه يذكر أسامي الثّقات ، بل التزم بذكر ما رواه الثّقات ، واحتمال تعارض توثيقه بجرح غيره في رواة المراسيل مندفع بأصالة عدم الجرح فيهم (٢) ، والرّوايات المرسلة كثيرة في كتابه. ولم أر أحدا يلتزم بذلك ، كيف ولو كان الأمر كذلك؟ وفي هذا لاشتهر وبان بين العلماء ، ولا أقلّ من ذهاب جمع إليه ، كما ذهبوا إلى حجيّة مراسيل ابن أبي عمير وغيره ، ولا أظنّ بسماحة سيّدنا الأستاذ رحمهالله الالتزام بذلك.
__________________
(١) معجم رجال الحديث : ١ / ٤٤.
(٢) غير جيّد وما أورد صاحب المعالم كما لا يخفى. انظر : المعالم : ٢٠٨.