فإنّ هذا مع بعده في نفسه مخالف لظاهر كلام الشّيخ ، حيث يقول في بيان كتب ابن عقدة : كتاب السنن ، وهو كتاب عظيم. وقيل : إنّه حمل بهيمة ، ولو رآه لم ينسبه إلى : قيل. (١)
كيف ولو رأى كتبه وأخذها بالمناولة أو بالسماع أو بالقراءة من ابن الصلت ، لذكره في فهرسته ، فإنّه أمر لا ينبغي إهماله.
وبالجملة : كلام الشّيخ ظاهر في عدم الرؤية ، فضلا عن الاستلام ، فيبطل دعوى عدم الاحتياج إلى وثاقة الواسطة ؛ لأجل الخطّ المذكور ، فإنّه إخبار إجمالي.
ومنها : قول الشّيخ في رجاله (٢) في ترجمة ابن عقدة : وسمعنا من ابن المهدي ومن أحمد بن محمّد المعروف بابن الصلت رويا عنه ، وأجاز لنا ابن الصلت عنه بجميع رواياته ، والتعدّد يقلّل احتمال الكذب ، لكن الظاهر من هذه العبارة ان ابن المهدي وإن روى عن ابن عقدة إلّا أنّه لم يرو للشيخ ولا إجازه ، وإنّما المجيز هو ابن الصلت وحده على أنّ ابن المهدي ظاهرا ، هو أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مهدي بن خشنام.
وقد عدّه العلّامة الحلّي رحمهالله في الإجازة الكبيرة من مشائخ الشّيخ من العامّة ، وقال أنّه روى عن ابن عقدة فضمّ العاميّ المجهول إلى مجهول آخر لا يقلّل الاحتمال إلى حدّ لا يعتني به ، ومع ذلك لا يبعد البناء على اعتبار روايات الشّيخ عن ابن عقدة ، فإنّ الظاهر شهرة كتبه في زمان الشّيخ مع قصر الزمان.
وابن الصلت شيخ إجازة لا شيخ رواية حتّى يقال لعلّه دلّس فيها أو زاد فيها ، أو نقصّ عنها ، ففي مثل المقام لا تضرّ جهالة الواسطة ، كما في طريق الكليني إلى الفضل بن شاذان. (٣)
قال قدّس سره : وما ذكرته عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين ، فقد أخبرني به الشّيخ أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان عنه.
أقول : الأسناد أوثق أسناد ؛ إذ لا أوثق من المفيد والصّدوق والطّوسي (قدّس الله أسرارهم).
قال قدّس سره : وما ذكرته عن أحمد بن داود القمّي ، فقد أخبرني به ... المفيد والحسين ... عن أبي الحسن محمّد بن أحمد بن داود ، عن أبيه ، وهذا هو طريقه إليه في الفهرست بحذف المفيد.
__________________
(١) معجم رجال الحديث : ٢ / ٢٨٢.
(٢) رجال الطوسي : ٤٤٢.
(٣) ما قاله المؤلّف في تصحيحه للطبعة الخامسة ، ربيع الثاني ١٤٢٨ ه.