وقد استفاد منه
بعض المحدّثين المتتبّعين وثاقة جميع رواة الكتاب المذكور ، وتبعه بعض تلامذة
سيّدنا الأستاذ الخوئي رحمهالله فصرّح بأنّ روايات المقنع كلّها صحيحة كروايات الفقيه ما
عدا روايات السنن ؛ لاحتمال اعتماد الصدوق فيها على قاعدة التسامح ، لكنّه مخالف
لإطلاق كلام الصدوق ، فلا عبرة به.
على أنّ أصل كلامه
باطل جزما ، فإنّه مبني على أنّ الصدوق يرى رواة روايات كتاب المقنع كلّهم من
المشائخ الفقهاء العلماء الثقات. والمتدبّر في أحوال الرجال يقطع ببطلانه وفساده ،
وأنّه لا كتاب صغير يشتمل على عشرين رواية يكون رواتها كلّهم بهذه الصفات ، بل
نطمئن بأنّ الصدوق غير معتقد بذلك أيضا ، وهذا من الإفراط في التّصحيح. وكان هذا
القائل يريد أن ينوب عن المحدّث النوري رحمهالله في التّوثيق والتّصحيح خارجا عن حدّ الاعتدال ، فالحقّ عدم
دلالة عبارة المقنع على توثيق الرّواة ، فإنّ معناها أنّ أرباب الكتب الأصوليّة
الّتي ينقل الصدوق روايات مقنعه عنها ، علماء فقهاء ثقات لا جميع رواة الرّوايات.
ومن هنا تثبت
الدعوى الأولى ، لكن في خصوص أرباب الكتب الأصوليّة الّتي نقل منها الصدوق روايات
مقنعه.
وهنا احتمال آخر ،
وهو إنّ المراد بالمشائخ العلماء الثقات هم مشائخ الصدوق ، الّذين أخبروه بما في
تلك الكتب الأصوليّة لا نفس أرباب الكتب المذكورة ، ولا يدلّ الكلام ـ على هذا
التقدير ـ على وثاقة جميع شيوخه ، فإنّ الأصل في القيود هو الاحتراز ، فوصف الثقات
إحترازي لا توضيحي ، فتأمّل!
وقيل : الأظهر
الاحتمال الأوّل دون الأخير ، لاسترحام الصدوق رحمهالله : فإنّ مشائخه لم يكونوا كلّهم أمواتا ، حتّى استرحم عليهم
، وأمّا أرباب الكتب فيمكن أن يكونوا كلّهم أمواتا حين تأليف المقنع.
وللصّدوق كلام آخر
في أوّل الفقيه ، قال : وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوّل ، وإليها
المرجع مثل كتاب ....
قيل : فأرباب هذه
الكتب ممدوحون لا محالة ، فكل من للصدوق إليه في مشيخة الفقيه طريق ، فهو ممدوح
وصادق ، إلّا من قام على ضعفه دليل خاصّ ، بل قيل إنّ طريق الصدوق إلى بعض تلك
الكتب إذا كان ضعيفا لا يضر بصحّة الحديث ؛ لأنّ تلك الكتب مشهورة معوّل عليها.
أقول
: أمّا القول
الأوّل فإنّ أريد به مدح كلّ من للصّدوق إليه طريق في المشيخة ، فهو