|
بهذا المعنى ؛ إذ لا دليل عليه من الشّرع والعرف فلا يصير خبر المهمل حجّة ، ودعواه الإجماع عليه غير مقبول ، واستظهاره من عبارة العدّة غريب ، بل لا يفهم منها أنّ الشّيخ نفسه وحده يرى اعتبار الخبر المهمل ، بل لا ربط للعبارة المنقولة بما هذا الفاضل بصدّد إثباته. نعم ، هي تدلّ على الجزء الأخير من كلامه ، وهو حجيّة خبر الضعفاء مع القرينة ، بل الصحيح أنّ الشّيخ يعتبر الوثاقة في راوي الخبر الواحد المجرّد عن القرينة ، وظاهر كلامه عدم حجيّة خبر المهملين ، وإليك نصّ كلامه في العدّة (١) حتّى تطمئن بغرابة ادّعاء هذا الفاضل المتتبّع في هذا المقام. قال رحمهالله : فما اخترته من المذهب ، وهو أنّ خبر الواحد إذا كان واردا من طريق أصحابنا القائلين بالإمامة ، وكان ذلك مرويّا عن النّبي صلىاللهعليهوآله ، وعن أحد من الأئمّة ، وكان ممّن لا يطعن في روايته ويكون سديدا في نقله ... جاز العمل به ، والّذي يدلّ على ذلك إجماع الفرقة المحقّة ، فإنّي وجدتها مجتمعة على العمل بهذه الإخبار ، الّتي رووها في تصانيفهم ودونوها في أصولهم لا يتناكرون ذلك ولا يتدافعون ، حتّى أنّ واحدا منهم إذا أفتى بشيء لا يعرفونه ، سألوه من أين قلت هذا؟ فإذا أحالهم على كتاب معروف ، وأصل مشهور ، وكان راويه ثقة لا ينكر حديثه ، سكتوا وسلموا الأمر في ذلك ، وقبلوا قوله ، وهذه عادتهم وسجيتهم من عهد النّبي صلىاللهعليهوآله الخ. |
أقول : قوله ويكون سديدا في نقله ، وقوله : وكان روايه ثقة ، نصّ على خلاف ما ذكره هذا الفاضل ، عصمنا الله من الزلل.
|
وكيفما كان رواية المهملين غير حجّة ولا يجوز الاعتماد عليها في الأحكام الإلهيّة وغيرها أصلا ، فإنّه تشريع محرّم ، وبناء العقلاء أيضا على عدم اعتبارها. ٢. استثناء ابن الوليد إنّما يدلّ على ضعف الرجال الّذين استثناهم ، ويحتمل أن يكون الاستثناء لأمر آخر اقتضاه اجتهاده ، كما يأتي بحث هذا الاستثناء في البحث التّاسع والأربعين. وهكذا في استثناء المفيد رحمهالله ، ولا يدلّ على أنّهم اعتمدوا على المهملين بإحدي الدلالات. وبالجملة : أنّه لم يقدر على إثبات عمل القدماء بخبر المهملين الفاقد للقرينة المصحّحة عندهم ، بل الواقف على مطالب هذا الكتاب يظهر له عدم صحّة النسبة المذكورة إلى القدماء ، وأقوي الشّواهد عليه كلام الشّيخ السّابق ذكره. |
__________________
(١) العدّة : ١ / ٣٣٧ ، المطبوعة ببلدة قمّ ؛ والطبعة المحقّقة الجديدة : ١ / ١٢٦.