قلت :
إنّ الشّيخ قدّس
سره ابتلى بالتناقض ظاهرا في هذا المقام ، فلاحظ كلامه في البحث الثامن والثلاثين.
نعم ، الشّيخ خالف
ادّعائه في حقّ هؤلآء الثّلاثة من جهة اخرى ، وهي أنّه ضعف عدّة من الرّواة الّذين
روى بعض هؤلآء الثّلاثة عنهم ، فإذا كان الشّيخ ـ وحتّى النجّاشي وغيره ـ معتقدا
ضعف بعض هؤلآء المروي عنهم ، فكيف يصحّ له أنّ يدعي أن هؤلآء الثّلاثة لا يرسلون
ولا يروون إلّا عن ثقة؟
وكيف يجوز لغير
الشّيخ أن يعتمد عليهم في خصوص مسانيدهم المجهولة؟
مثلا : أنّ الشّيخ
ضعّف الحسين بن أحمد المنقري في رجاله في أصحاب موسى بن جعفر عليهالسلام وضعّف عمرو بن جميع في أصحاب الصّادق عليهالسلام وأبا البختري في فهرسته مع أنّ ابن أبي عمير روي عنهم ،
وهكذا.
وفي الأخير ننقل
كلام سيدنا الأستاذ الحكيم قدّس سره في مستمسكه إيضاحا للمقام :
ورواية محمّد بن
أبي عمير عنه ـ أي : زيد النرسي ـ لا توجب ذلك ـ أي وثاقته ـ وإن قيل إنّه لا يروى
إلّا عن ثقة ؛ إذ لا يبعد كون المراد منه الوثاقة في خصوص الخبر الّذي رواه ـ ولو
من جهة القرائن الخارجيّة ـ لا كون الرّاوي ثقة في نفسه ، وإلّا لأشكل الأمر في
كثير من الموارد الّتي روي فيها محمّد بن أبي عمير عن المضعفين ، مضافا إلى بنائهم
على عدم كفاية روايته في توثيق المروي عنه ، كما يظهر من ملاحظة الموارد الّتي لا
تحصى ، ومنها المقام فإنّهم لم ينصوا على وثاقه زيد بمجرّد رواية محمّد بن أبي
عمير عنه.
وأيضا فإنّ الظاهر
أنّ عدم الرّواية إلّا عن الثّقة ليس مختصّا بمحمّد ، والبزنطي ، وصفوان الّذين
قيل فيهم ذلك بالخصوص.
فقد قال الشّيخ رحمهالله في عدّته في مبحث الخبر المرسل :
|
سوت الطائفة بين
ما يرويه محمّد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر ،
وغيرهم من الثقات الّذين عرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون إلّا عمّن يوثق به ،
وبين ما أسنده غيرهم : ولذلك عملوا بمراسيلهم.
|
بل الظاهر أنّ
كثيرا من رواة الحديث كذلك ، لاختصاص الحجيّة عندهم بخبر الثّقة ، وليس نقلهم
للرّوايات من قبيل نقل القضايا التأريخيّة ، وإنّما كان للعمل والفتوى ، فما لم
يحصل لهم الوثوق بالرّواية لا ينقلوها ، بل يطعنون على من ينقلها.
__________________