الغضائري ، فقد أخذ عنه وقرأ عليه ، ولم يتفق ذلك للشيخ الطوسي رحمهالله ، وكذا صحبة غير الغضائري من المشائخ ، كالسيرافي ، وأحمد بن محمّد الجندي ، وأبي فرج الكاتب وغيرهم.
قلت : لا شكّ لمن راجع كتاب النجّاشي في مهارته وتبحره في هذا الفنّ.
وأمّا الوجوه المذكور لإثبات أفضليته من غيره فيه ، فإنّ تمّت بأجمعها لم توجب تقديم قوله على قول الشّيخ الطوسي رحمهالله ؛ لعدم الدليل على تقديم قول الأفضل على قول الفاضل في الإخبارات ، وقد مرّ ما يتعلّق به في البحث الثامن عشر ، اللهم إلّا أن يحصل الاطمئنان منها بصحّة قول النجّاشي في مورد الاختلاف ، ولكنّها غير مورثة له ، أو قام بناء العقلاء على تقديم قول الأفضل في الإخبار ، كما ثبت في الفتوى ، وفيه نظر.
وعليه : فلعلّ الأوجه هو الحكم بالتساقط في ما إذا تعارض فيه قوله بقول الشّيخ وغيره ممّن يكون قوله حجّة في نفسه.
وأمّا البحث عن الوجوه المستدلّ بها ، فالعمدة منها هو الثّاني والثالث ، ثمّ الأخير.
لكن تماميتها موقوفة على أنّ لا يكون فهم الشّيخ أقوى بكثير من فهم النجّاشي ، وهذا غير معلوم لنا.
الثانية : قال المحقّق الداماد في محكي الرواشح :
|
قد علم من ديدن النجّاشي أنّ كلّ من فيه مطعن وغميزة ، فإنّه يلتزم إيراد ذلك البتة فمهما لم يورد ذلك ، وذكره من دون أرداف ذلك بمدح أو ذم أصلا ، كان ذلك آية أنّ الرجل سالم عنده عن كلّ مطعن ومغمزة ... وعقبه المحدّث النوري بقوله : وهو كلام متين فإنّ عدّ الرجل من علماء الشّيعة وحملة الشّريعة ، وتلقي العلماء منه وبذل الجهد وتحمل المشاق وشد الرحال في البلاد ، وجمع الكتب في أساميهم وأحوالهم وتصانيفهم دليل على حسن حاله وعلو مقامه. (١) |
أقول :
أمثال هذه الكلمات من غيرهما أيضا كثيرة في هذا الموضع (٢) ؛ أمّا كلام هذا المحدّث فواضح الضّعف لنقضه بالضعفاء ، الّذين صرّح الشّيخ والنجّاشي وغيرهما بضعفهم ، ومع ذلك ذكروهم في كتبهم وبذلوا الجهد وتحمّلوا المشاق وشدّوا الرحال في البلاد ، وجمعوا الكتب
__________________
(١) انظرها في : خاتمة المستدرك : ٣ / ٥٠١ و ٥٠٢.
(٢) المصدر : ٣ / ٢٩٨.