يقال : دأب فلان في علمه دأباً ودؤوباً : إذا جدّ فيه وأدام واستدام مواظبته عليه وإقامته إيّاه.
ووصفه القمر بالسريع الأظهر أنّه بحسب الحركة الذاتيّة الكلّيّة المركّبة الغربيّة على توالي البروج ، إحدى الحركات التسع المرصودة ، وموضوعها الفلك الكلّي للقمر ، أي : مجموع أفلاك الجزئيّة التي هي على الهيئة المشهوريّة أربعة : فلك الجواهر ، وهو الممثّل ، ومركزه مركز العالم ، والمائل الموافق المركز ، والحامل الخارج المركز ، والتدوير المركوز في ثخن الحامل.
فهذه الحركة أسرع الحركات الغربيّة ، يتمّ لها في كلّ ثمانية وعشرين يوماً بليلته تقريباً دورة واحدة تامّة ، وللشمس في كلّ سنة واحدة دورة تامّة.
ولكلّ من الزهرة وعطارد في قريب من سنة ، وللمرّيخ في قريب من سنتين وعشرة أشهر ونصف ، وللمشتري في اثنتي عشرة سنة. ولزحل في ثلاثين سنة.
وللثوابت في ثلاثين ألف سنة على رصد القدماء ، وفي أربعة وعشرين ألف سنة على إرصاد المتأخّرين. وربّما يقال : يصحّ ذلك بحسب حركة المائل ، أو بحسب حركة الحامل ، أو بحسب الحركة الخاصّة التدويريّة.
وأمّا أن يكون ذلك بحسب حركة جرم القمر على نفسه في موضعه الذي هو مركوز فيه ، فاحتمال بعيد جدّاً ؛ إذ تلك الحركة لا تحسّ بالرصد ، ولا تدخل في الحساب.
ويحتمل أن يعتبر وصف السرعة من جهة الحركة الشرقيّة والغربيّة المركّبة على التوالي بالذات ، ومن جهة الحركة الشرقيّة بحركة الفلك الأقصى على خلاف التوالي بالعرض جميعاً ، فإنّ التحرّك بالحركة الاُولى الشرقيّة السريعة الظاهرة التي بحسبها الطلوع والغروب في الآفاق يعمّ العلويّات بأسرها ، فهي لفلك الأفلاك بالذات ، ولسائر السماويّات بالعرض.
والإتّصاف بالسرعة بحسب تينك الحركتين جميعاً مختصّ بالقمر ، وإنّما جعلنا الحركة الغربيّة المركّبة للقمر بالذات ، مع أنّها لجرم القمر بالعرض ولفلك الكلّي ، أي : لمجموع أفلاك الجزئيّة بالذات ، لما قد تعرّفت أنّ المتعلّق الأوّل للنفس المجرّدة الكلّيّة التي إليها تستند هذه