الثابتة والسيّارة جميعاً ، والعقل الكلّي والنفس الكلّي بإزاء الفلك الكلّي. ثمّ العقول الجزئيّة والنفوس الجزئيّة في إزاء الكرات الجزئيّة وأجرام الكواكب الثابتة والسيّارة بأسرها.
وأعني بالفلك الكلّي ما تستند إليه إحدى الحركات التسع المرصودة بادي النظر في أوّل الأمر ، فالنفس المجرّدة الكلّيّة السماويّة لكلّ من الأفلاك الكلّيّة للسيّارات ، متعلّقها الأوّل جرم الكواكب الذي هو بمنزلة القلب في البدن الفلكي والنفس المنطبعة فيه ، كما النفس الناطقة البشريّة متعلّقها الأوّل هو القلب والروح البخاري المتولّد فيه في الجسد الإنساني ، فليعلم.
(٣) قوله عليه السلام : الدائب السريع
كأنّك دريت بما أدريناك أنّه كما الإنسان بحسب سنخيّة (١) الجسداني والروحاني من عالمي الجسمانيّات والمجرّدات ، ويقال لهما : عالما الخلق والأمر ، ألا له الخلق والأمر ، وعالما الملك والملكوت ، سبحان ذي الملك والملكوت ، وعالما الغيب والشهادة ، هو الرحمن الرحيم ، وعالما الظالمات والنور [وجعل الظلمات والنور] فكذلك كلّ فلك وكلّ كوكب ، فإنّه بحسب جرم بدنه السماوي من عالم الخلق ، وبحسب جوهر نفسه المجرّدة ، وعقله المفارق من عالم الأمر ، وله بحسب ما هو من عالم الخلق الحركة في الأوضاع الجرميّة ، والتخيّلات الحقيقيّة ، وبحسب ما هو من عالم الأمر الحركة في الإرادات الشوقيّة والأشواق العقليّة والإشراقات الإلهيّة.
وقوله عليه السلام «الدائب» اقتباس من التنزيل الحكيم : إذ قال عزّ قائلاً : (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ) (٢) يدأبان في سيرهما بالذات وبالعرض وتقلّبهما في الأوضاع والجهات ، وإنارتها وتنويرهما ما يقبل الإستضاءة والإستنارة في الطبقات ، وإصلاحهما ما يصلحانه من المكونات ، وإعدادهما ما يعدّانه لنظام الكائنات.
__________________
١. في «س» : سجيّة.
٢. سورة إبراهيم : ٣٣.