والعرب لا تقول : وَدَعْتُه فأنا وادِع. في معنى تركته فأنا تارك. ولكنهم يقولون في الغابر : لم يَدَع ، وفي الأمر : دَعْه ، وفي النهي : لا تَدَعْه ، إلا أن يضطر الشاعر ، كما قال (٤٠) :
وكان ما قدموا لأنفسهم |
|
أكثر نفعا من الذي وَدَعُوا |
أي تركوا ... وقال الفرزدق (٤١) :
وعض زمان يا ابن مروان لم يَدَع |
|
من المال إلا مسحت أو مجلف |
فمن قال : لم يَدَع ، تفسيره ، لم يترك ، فإنه يضمر في المسحت والمجلف ما يرفعه مثل الذي ونحوه ، ومن روى : لم يُدَعْ في معنى : لم يترك فسبيله الرفع بلا علة ، كقولك : لم يضرب إلا زيد ، وكان قياسه : لم يُودَع ولكن العرب اجتمعت على حذف الواو فقالت : يَدَع ، ولكنك إذا جهلت الفاعل تقول : لم يُودَع ولم يوذر وكذلك جميع ما كان مثل يُودَع وجميع هذا الحد على ذلك. إلا أن العرب استخفت في هذين الفعلين خاصة لما دخل عليهما من العلة التي وصفنا فقالوا : لم يُدَع ولم يذر في لغة ، وسمعنا من فصحاء العرب من يقول : لم أُدَع وراء ، ولم أُذَر وراء.
والمُوَادَعَة : شبه المصالحة ، وكذلك التَّوَادُع.
والوَدِيعة : ما تَسْتَوْدِعُهُ غيرك ليحفظه، وإذا قلت : أَوْدَعَ فلان فلانا شيئا فمعناه : تحويل الوَدِيعة إلى غيره : وفي الحديث : ما تقول في رجل اسْتُودِعَ وَدِيعة فأَوْدَعَها غيره قال: عليه الضمان. وقول الله عزوجل : (فَمُسْتَقَرٌّ وَ) مُسْتَوْدَعٌ (٤٢). يقال : المُسْتَوْدَع : ما في الأرحام.
__________________
(٤٠) المحكم ٢ / ٢٣٨ واللسان والتاج ، غير منسوب أيضا.
(٤١) ليس في ديوانه (صادر). وهو في نزهة الألباء ص ٢٠ (أبو الفضل).
(٤٢) الأنعام ٩٨.