« قو على خدمتك جوارحي » ليتمكن من أداء العبادة كل عضوٍ بحسب ما يوكل اليه من العمل فاللسان ـ كما بينا سابقاً ـ للذكر ، والبدن للقيام ، والقعود ، وهكذا .
« واشدد على العزيمة جوانحي » والعزيمة : القصد على الفعل بعد أن يتصور الإِنسان ذلك الفعل يصدق به ، ويشتاق اليه وبعدها يقصده ، ومن ثم يفعله .
والجوانح : جمع جانحة ، وهي الاضلاع تحت الترائب مما يلي الصدر كالضلوع مما يلي الظهر . والمعنى واضح . حيث يريد الداعي من ربه أن يصرف عنه كل معوق يقف حائلاً بين القصد ، والفعل للأمور الخيرة ، والطاعات ، والعبادة ، فهو يريد منه ان يجعل القصد كأنه محصور بين الجوانح لا مجال لتسربه ، وعدم الإِتيان به . بل مشدود عليه حتى يتحقق .
وقد ظهر مما سبق معنى طلب دوام الاتصال بخدمتك .
أما لماذا طلب الداعي من ربه كل هذه الاستعدادات وهذه التحضيرات ؟ فالنتيجة تأتي معروضة في الفقرات التالية من قوله :
« حتى أسرح اليك في ميادين السابقين » .
والى اين أسرح . . . ؟ الى نيل رضاك ، والتقرب منك ، ولعلني أسبق غيري في الحصول على شرف كسب رضاك فيطمئن القلب بانني : عدت إنساناً وديعاً مرضياً عنه ، وهي أنشودتي في هذه الحياة لامهد بذلك طريقي الى مقري الأخير في الدار الآخرة .