قدمه ليقبل الله توبته فيجد من عطف ربه ما يتجاوز به عما صدر منه .
واذاً فما يراه هؤلاء من الرأي هو انضمام العمل ، والتوبة ، وطلب المغفرة ، وطلب الأمور الحياتية ، لا الإِتكال على الدعاء فقط ، ولا الإِعتماد على النفس فحسب .
وقد ظهر بأن هذا القول هو القول الذي يرجح على القولين الأول والثاني بعد ردنا لهما ـ كما تقدم ـ .
وندلل عليه : بان الإِنسان لم يترك سدى في هذه الحياة ، بل خلق ، ومنح العقل ، والتفكير ، وحمل المسؤولية الحياتية ، وبذلك ميز عن بقية المخلوقات لذلك كان عليه أن يعمل .
ـ وفي نفس الوقت ـ بما أنه مخلوق ضعيف ، وقد صرح خالقه بهذه الحقيقة عندما قال :
( وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا ) (١) .
فلا بد أن يجبر ضعفه هذا باللجوء الى من بيده القوة ، والقدرة ليعينه في هذه المسيرة الشاقة ، وليسدد خطاه في إرشاده الى الطريق المستقيم .
( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) (٢) .
ومن ذلك الذي يهدي الى الصراط المستقيم غير الله عز وجل ؟
__________________
(١) سورة النساء : آية (٢٨) .
(٢) سورة الحمد : آية (٥) .