بل يسلكون حداً وسطاً بين هذين القولين . فهم يبنون حياتهم العملية على العمل والجد ، ولكنهم ـ في الوقت نفسه ـ يتوجهون الى الله أن يبارك لهم ركب الحياة ، فيمنحهم التوفيق في أعمالهم ، ويدفع عنهم الشرور والأحداث .
وهكذا في مجال الطب والمرض ، فإن مراجعتهم للطبيب لا تكفي في نظرهم لو لم يبارك الله لهم هذه المراجعة ، فهم يدعون الله أن يختار لهم الأصلح ، ويجعل الشفاء على يديه لأن الطبيب وسيلة للشفاء . فمن الله يريدون إرشادهم الى الوسيلة النافعة وهكذا الحال في الحروب ، والميادين الحربية ، فهم يقابلون الأعداء بشجاعة ، وبسالة ، ولكنهم يطلبون النصر من عند الله لأن الله عز وجل هو الذي يقول :
( وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّـهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) (١) .
وفي آية أخرى يقول تعالى :
( يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) (٢) .
وهكذا في الجانب العبادي من حياة الإِنسان ، فإنه لا معنى للقول بالإِتكال على مغفرة الله ، والإِتيان بالمخالفات من ترك الواجبات والاتيان بالمحرمات ، مضافاً الى التجاوز على أموال الناس ، وأعراضهم إعتماداً على عفو الله ، ورحمته ، بل لا بد من الالتزام بكل ما هو مفروض . ويلجأ الإِنسان بعد هذا الى الدعاء لو زلت
__________________
(١) سورة آل عمران : آية (١٢٦) .
(٢) سورة الروم : آية (٥) .