والآن فمع المستدل على رفض الدعاء بالقدر : بإن معنى القدر ـ كما عرفت ـ هو ما قدره الله على العباد . أما مرحلة القضاء ، والحتمية فمتأخرة ، والداعي بدعائه يطلب من ربه ان لا يلحق قدره بقضائه بل يتجاوز عما قدره عليه :
و ( لِلَّـهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ) (١) .
وهو على كل شيء قدير ، فلا منافاة اذاً بين الدعاء ، والقدر .
الطائفة الخامسة ممن يقولون بالرفض :
ويقول هؤلاء بأن الله سبحانه يعلم الغيب ، ومطلع على كل شيء في هذا الوجود ، وحتى على السرائر ، والضمائر ، ويعلم ما تجيش به نفس الإنسان . واذا كان الأمر كذلك فلماذا ينتظر الله من عبده أن يدعو ويتضرع ؟ بل هو يرحم ، وهو يغير ما دام يحس من عبده حسن النية وقد صنع مع نبيه ابراهيم « عليه السلام » مثل ذلك عندما القي في النار حيث نقل عنه ان جبرئيل سأله ، وهو بتلك الحالة ألك حاجة ؟
فأجابه : أما اليك فلا .
قال جبرائيل : إذاً فادع الله .
ويجيب ابراهيم قائلاً : علمه بحالي يغنيه عن سؤالي .
وفي بعض الروايات انه قال له : حسبي من سؤالي علمه بحالي (٢) .
__________________
(١) سورة الروم : آية (٤) .
(٢) لاحظ للموضوع بتوسع كتاب الدعاء : للشيرازي .