وقد بينا فيما سبق أن أيام الآخرة لا يتمكن بالتحديد من ضبطها بعد ان صرح القرآن الكريم بان الملائكة ، والروح تعرج اليه : « في يوم كان مقداره خمسين الف سنة » .
وعلى كل حال فهي على نحو الإِجمال ليست كأيامنا في الدنيا من حيث القصر ، وإشتمالها على أربع وعشرين ساعة ، والشهر ثلاثون يوماً ، والسنة من ثلاثمائة وستين يوماً ، بل لها حساب خاص نعلم على نحو الأجمال أيضاً أن حسابه طويل ، وعسير . ولذلك يأخذ الداعي بعين الإِعتبار ذلك التعذيب الجسدي ، وشدته وطول مدته ، فيكون ذلك سبباً لضجيجه وعجيجه .
« فلئن صيرتني للعقوبات مع أعدائك ، وجمعت بيني وبين أهل بلائك ، وفرقت بيني وبين أحبائك ، وأوليائك » .
وهذه هي العوامل التي تسبب للداعي العذاب النفسي ، حيث يسرح به التصور فيجد نفسه وسط الجموع المكدسة في نار جهنم بعيداً عن روح الله ورحمته ، وبعيداً عن أولياء الله وأحبائه ، وهم أولئك الصفوة الخيرة الطيبة . وإذا به مع المجرمين ، والملحدين وأولئك الذين قضوا أعمارهم ، وهم لا يتحلون بالفضيلة .
وهذا ما يجعل نفس الداعي تحترق الماً ، وهي ترى هذا المصير الضحل بإنتظارها غداً ، يوم لا ينفع مال ولا بنون .
« فهبني يا إلۤهي ، وسيدي ، ومولاي صبرت على عذابك فكيف أصبر على فراقك ؟ » .
فهبني : هذه الكلمة
مؤلفة : من فاء التفريع على ما سبق من قوله