وقد ناجى الإِمام زين العابدين علي بن الحسين « عليه السلام » ربه فقال « وأنا يا سيدي عائذ بفضلك هارب منك اليك » .
والتعبير فيما نحن فيه من هذا القبيل ، فالداعي يهرع الى ربه لانه يهرب منه اليه فهو الخصم ، وهو الحكم ، وهو المستغاث به .
ـ وفي الوقت نفسه ـ المستغاث منه . فأركان الشكوى فيما نحن فيه تكون ثلاثة بدلاً من أربعة .
وفي تعبير الداعي بقوله : « ولما منها أضج ، وأبكي » نوع من تحريك عواطف من لجأ اليه ، فالضج ، هو الصيحة ، والجلبة يقال : ضج ضجيجاً فزع من شيء ، وخافه ، فصاح ، وجلب .
وأضج القوم : صاحوا ، وجلبوا .
فالتعبير : بأضج ، يصور لنا الداعي ، وهو يصيح باكياً بحيث يحدث له جلبة ، وصياحاً ، وهي حالات من يفقد شيئاً ، فيذهل عن وضعه ويخرج عن إتزانه ، وكل ذلك مما يضفي على منظره ما يقتضي الترحم عليه ، وهو على هذه الحالة من الإِرتباك والذهول .
« لأليم العذاب وشدته أم لطول البلاء ومدته » .
قدم الداعي في عرض العذاب الجسدي والروحي .
العذاب الجسدي حيث تبدأ النار بأخذ مفعولها ، وردد أنه لا يدري أيضج الى الله ، ويصرخ باكياً لأليم العذاب ولشدته ، أم لطول المدة التي سيمكث فيها مخلداً في النار تبعاً لذنبه وحجمه .