« أو تسلم الى البلاء من كفيته ورحمته » .
الغم : هو البلاء ، وكفى فلان فلاناً ، أغناه عن غيره (١) .
ويأتي استبعاد الداعي لتسليم الله عبده الى البلاء بعد أن كفاه ، ورحمه تبعاً لمنطوق الآية الكريمة في قوله تعالى :
( أَلَيْسَ اللَّـهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ) (٢) .
والآية وان كان سبب نزولها مشركي قريش حيث كانوا يخوفون النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من آلهتهم ، ويحذرونه من غضبها ، ويوعدونه بانه إن لم يكف عنها لسانه فسيصيبه منها الأذى ، فجاءت الآية تطمئن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بأن الله يكفيه من الأذى ، ويكف عنه كل سوء . ولكن إطلاقها يشمل كل مورد ، وكل عبد من عباده . والكفاية أيضاً من كل شيء : أذىً ، ورزقاً ، وعدواً ، وغير ذلك .
ان الله يكفي عباده ، وهو غني عنهم ، ويرحمهم ، وهو ليس بمحتاج لهم . وإنما صنع ذلك تفضلا منه عليهم . وإذا كان الموضوع يرجع في نهايته الى التفضل من المولى على عباده ، فمن هنا ينشأ استبعاد تسليم الله لعبده المذنب الى البلاء .
ومرة اخرى نقول : أن الداعي يطالب ربه بما قطعه على نفسه من كفاية عباده . وهب أنه أذنب ، وتجاوز ، ولكنه ، وبتوسله قد تاب ، وعاد الى حضيرة الإِيمان فلماذا لا تعود الكفاية ، والرعاية
__________________
(١) أقرب الموارد : مادة ( بلي ، وكفي ) .
(٢) سورة الزمر : آية (٣٦) .