دعاء الإِمام الحسين « عليه السلام » في يوم عرفة ، فهو « سلام الله عليه » ـ بعد أن بين بدء تكوين الإِنسان ، وانتقاله في الأصلاب ، وخروجه الى الدنيا تاماً سوياً ، وانه عطف عليه قلوب الحواظن ، ورزقه من اللبن ما يغذيه ، وسلمه بعد ذلك من الزيادة ، والنقصان . وبعد كل هذا ـ اخذ في بيان تكملة المسيرة الحياتية ، وإعطاء صورة من تربية الله ، ورعايته لهذا المخلوق فقال :
« حتى إذا استهللت ناطقاً بالكلام أتممت عليّ سوابغ الإِنعام ، وربيتني زائداً في كل عام . حتى إذا اكتملت فطرتي ، واعتدلت امرتي أوجبت علي حجتك ، بأن الهمتني معرفتك ، وروعتني بعجائب حكمتك » .
الى أن يقول : « ثم إذا خلقتني من خير الثرى لم ترض لي يا إلۤهي نعمة دون أخرى ، ورزقتني من أنواع المعاش ، وصنوف الرياش بمنك العظيم الأعظم علي ، وإحسانك القديم الي » .
صلوات الله عليك يا أبا الضيم . لقد استعرضت هذه المسيرة ، ودللتنا على نعم الله من بدء تكويننا ، وأياديه الكريمة ، ورعايته ، وكل ذلك تربية من الله لنا ، فللداعي الحق لو طالب ربه في لطفه المستمر ، واستبعاده كل البعد من أن يضيع الله مخلوقه ، وصنيعته ، ومن حباه لطف تربيته . ولئن كانت شفقة الأبوين مضرب الأمثال من ناحية تعلقهما بالولد فيحرصان على حياته ، وعدم إيصال أي اذىً اليه ، فإن شفقة الله على عباده أعظم لأن الإِنسان مخلوق الله ، ومن صنع يده .