« أنت الذي أشرقت الأنوار في قلوب أوليائك حتى عرفوك ، ووحدوك وانت الذي أزلت الأغيار عن قلوب أحبائك حتى لم يحبوا سواك ولم يلجأوا الى غيرك » ـ الى أن يقول ـ :
( يا من اذاق احباءه حلاوة المؤانسة فقاموا بين يديه متحلقين ) .
والى أن يقول : ( وانت الباديء بالإِحسان قبل توجه العابدين ) .
واذا كان هو الذي أشرق الأنوار في قلوب أوليائه ، وأزال عنها الاغيار فجعلها أوعية طاهرة لحبه فهل يحرقها بالنار ؟
ثم ، وبعد هذا فما الفرق بين وعائين ؟
قلت : ضم حب الله ، وانطوى عليه .
وقلب : اشتمل على حب شريك له ، وتملق اليه .
فان قلنا : بأن كليهما يحفظ من النار فهو مخالف لنص الآية الكريمة : ( إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ ) (١) .
وان قلنا : بتعذيب كليهما ، فهو خلاف الوجدان فكيف يكون قلب المؤمن كقلب المشرك من حيث الجزاء ، والتقدير ؟
ولا بد حينئذٍ من التفصيل ، والتفريق بين القلبين تمييزاً لوعائية حب الله عن حب غيره .
« وبعد صدق اعترافي ودعائي خاضعاً لربوبيتك » .
والداعي بهذه الفقرة يخاطب ربه ، وهو المطلع على السرائر
__________________
(١) سورة النساء : آية (٤٨) .