ومخلوقه ، مع ما يراه من نعمة عليه ، وأياديه الكريمة ، وعواطفه المتواصلة من أول لحظة يتكون فيها أصله الى آخر ومضة من ومضات حياته وقد لا يعرف الكثير من البشر أقسام المحبة ، وأنواعها ، وما تشتمل عليه من تعاريف تزخر بها الموسوعات اللغوية ، الا أنه يجد في نفسه ميلاً ورغبة ، وانجذاباً ، وهوىً يسوقه نحو خالقه بحيث تسكن اليه ويلجأ اليه كلما داهمته ملمة ، وحين يدعو يشعر بلذة غريبة لانه يقف بين يدي عطوف ودود .
وهذه هي المحبة ، وهذا هو الميل ، والانجذاب الذي اشتمل قلب الداعي عليه ، والذي يعتز به ، ويحتفظ به كأحسن شافع لديه حين يقف بين يدي ربه ليقدم له ما اشتمل عليه قلبه من حبه ، والتودد اليه فيقول : « إلۤهي أتراك معذبي بنارك بعد توحيدك ، وبعدما انطوى عليه ضميري من حبك » .
ويبلور الداعي وجهة نظره في تقديم هذه الصفة منه كمستند يبرد ما صدر منه من مخالفات في دار الدنيا . فهو يعتز بأن قلبه أصبح وعاءً يضم حب الله بين جنباته ، وكما يقولون : « آن شرف المكان بالمكين » وهكذا فكم من بقعة من بقاع الأرض تشرفت بضمها لجسد نبي من أنبياء الله ، أو ولي من أولياء الله ، وليس لهؤلاء وأمثالهم الا شرف الانتساب الى الله جل جلاله فكيف بحب الله اذا كان قلب الداعي تشرف بوعائيته ، وانطوائه عليه ؟
وإذا ما انصتنا خاشعين الى الإِمام الحسين « عليه السلام » وهو يدعو ربه في ظهيرة يوم عرفات لرأيناه يعزو التوفيق لنيل شرع وعائية قلب المؤمن لحبه تعالى اليه جلت عظمته ، فهي يد كريمة أخرى تضاف الى أياديه ، ونعمه على عباده أنه يقول :