من توحيده ومعرفته الكاملة به ، وما لهج به لسانه من ذكره ، وذكر الله هو دعاؤه وبيان صفاته ، وتمجيده ، وحمده ، وكل ما يمت إلى ذلك بصلة .
وعندما يعتز الداعي ، ويعرض أمام ربه من جملة ما يستند اليه في مقام المحاسبة أن لسانه كان لهجاً بذكر ربه ، وبيان آياته فهو لا يذهب بعيداً ولا يشط في طلباته ، بل يطالبه بما وعد به الذاكرين جزاء ذكرهم يقول تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا ) (١) .
واذا كان الله هو الذي يصلي عليهم ، والصلاة منه لعباده المغفرة ، والرحمة لهم ، وكذلك ملائكته حيث يدعون لهم بإنزال الرحمة عليهم . ومع هذا يخرجهم من ظلمات الجهل الى نور المعرفة ، ومن الضلالة الى الهدى . وهذا هو جزاؤهم في الدنيا . وأما في الآخرة فقد ( وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا ) أجر يصفه الكريم بأنه : ( كريماً ) .
وقد جاء عن ابن عباس في هذه الآية قوله : ( ان الله لا يفرض على عباده فريضة إلا جعل لها حداً معلوماً ، ثم عذر أهلها في مال عذر غير الذكر . فإن الله لم يجعل له حداً ينتهي اليه ، ولم يعذر أحداً
__________________
(١) سورة الأحزاب : الآيات (٤١ ـ ٤٤) .