وبعد أن قدموا كل ما لديهم من وسائل دفاعية ، واستعطافية لجأوا ، وعلامات الخضوع ترتسم على تلك الوجوه ليقولوا :
« يا ربنا فليسعنا عفوك ، ورحمتك التي وسعت كل شيء » .
وتمر لحظات رهيبة ، ويخيم الصمت على الجموع المنتظرة لصدور الحكم من محكمة العدل الإِلۤهية بحقهم .
لحظات يمتزج فيها الأمل ، والخوف . وأمام الجميع يترائى شبح المصير المظلم ، ومن ورائه نار جهنم . ( كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا ) (١) ولكن الجوانب المشرقة تتغلب لتنير الطريق لهم الى الجنة .
ويتجلى اللطف الإِلۤهي بأبهى صورة عندما يصدر النداء من الله الى الملائكة يحمل بين طياته آيات الرفق ، والحنو ، والغفران .
« ملائكتي ، وعزتي ، وجلالي . ما خلقت خلقاً أحب إليَّ من المقرين لي بتوحيدي . أدخلوا عبادي الجنة » .
ويسدل الستار ، وتتهادى الجموع المرحومة بين صفوف الملائكة الموكلين ليقطعوا الطريق الأخضر الى النعيم الدائم .
( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ) (٢) .
ويتنفس الصعداء ، وتطفو علامات الشكر ، وتتهلل الوجوه .
__________________
(١) سورة الإِسراء : آية (٩٧) .
(٢) سورة الزمر : آية (٧٤) .