وبعد خلقه ، وذكره توالت أياديه الكريمة عليه .
فأحسن تربيته ، والبر به ، وتغذيته ـ كما تنص على ذلك فقرات الدعاء ـ
أما تربيته : فإنه حفظه بعد أن أخرجه الى هذا الوجود ، فكفله الحواظن وهيأ له من عطف أبويه ما يحسن تربيته ، والمحافظة عليه من كل سوء وأحسن إليه بكل النعم التي تمتع بها في هذه الحياة .
ومن ثم هيأ له الغداء الكافي في جميع المراحل التي تمر بها مسيرته الحياتية حملاً ، ورضيعاً ، وشاباً ، وشيخاً ، وفي كل هذه الأدوار منحه من نوعية الغذاء ما يناسبه ذلك الدور الذي يمر به .
بهذا الأسلوب العاطفي بدأ المقطع الثاني من دعائه .
وقبل ان ننتقل الى الفقرات من هذا المقطع يجدر بنا أن ننتقل الى مشهد من مشاهد الدعاء المماثلة لعرض هذه المسيرة الحياتية لنرى لذة الدعاء ، ورهبة الموقف الخشوعي للخالق عز وجل .
إنه الإِمام الحسين « عليه السلام » يخرج من خيمته في ظهيرة يوم التاسع من ذي الحجة ، وفي وسط ضجيج الحجيج ، وتكبيرهم ، وتهليلهم يحوط به أهل بيته ، ولفيف من شيعته ليقف بجانب الجبل من وادي عرفات متجهاً الى صوب البيت الحرام ، ويرفع يديه الى السماء ، وبوجه تظهر عليه إمارات الخضوع ، ودموع منهمرة من عينين منكسرتين يبدأ أبو الشهداء بصوت يجلله الحزن فيقول :
« اللهم اني أرغب
اليك ، وأشهد بالربوبية لك مقراً بأنك ربي ، واليك مردي ابتدأتني بنعمتك قبل أن أكون شيئاً مذكوراً وخلقتني من