يقول حفص بن غياث القاضي : « كنت عند سيد الجعافرة جعفر بن محمد « عليه السلام » لما قدمه المنصور ، فأتاه ابن أبي العوجاء ، وكان ملحداً فقال ما تقول في هذه الآية : ( كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ) هب هذه الجلود عصت فعذبت فما بال الغير ؟ قال أبو عبد الله : ويحك هي هي ، وهي غيرها . قال : أعقلني هذا القول . فقال له : أرأيت لو أن رجلاً عمد الى لبنة ، فكسرها ثم صب عليها الماء ، وجبلها ، ثم ردها الى هيئتها الأولى الم تكن هي هي ، وهي غيرها . فقال بلى : أمتع الله بك (١) .
ويمكن جواب الإِشكال في هذه العبارة : ( هي هي ، وهي غيرها ) في وقت واحد .
ويتصدى الشيخ ابو جعفر الطوسي ( رحمه الله ) وهو من أكابر فقهاء الإِمامية المتقدمين لتفسير مثل هذه العبارة فيقول :
« ان الله يجددها بأن يردها الى الحالة التي كانت عليها غير محترقة كما يقال : جئتني بغير ذلك الوجه ، وكذلك إذا جعل قميصه قباءً جاز أن يقال : جاء بغير ذلك اللباس ، أو غير خاتمه ، فصاغه خاتماً آخر جاز أن يقال : هذا غير ذلك الخاتم » (٢) .
ولنأخذ مثال الخاتم ، ونطبق عليه قول الإِمام « عليه السلام » .
فباعتبار المادة وهي الفضة ـ مثلاً ـ فهو هو ، لعدم طرو مادة أخرى عليه ، وهو غيره بإعتبار اختلاف الصياغة . وكذلك الحال في الجلود ،
__________________
(١) الميزان في تفسير القرآن : ج (٤) ص (٤٠٩) نقلا عن مجالس الشيخ .
(٢) تفسير التبيان : ٣ / ٣٣٠ / المطبعة العلمية في النجف الاشرف .