اتحفظ في المخالفات مما زينه لي عدوي ، وهو الشيطان حيث حببب لي الفواحش ، وإرتكاب المحرمات ، فهو قد حسن ذلك في نظري فأقدمت عليه منقاداً لشهواتي النفسية فكانت الشهوات هي : النافذة التي أطل منها العدو علي « فغرني بما أهوى » . فكنت مخدوعاً من قبله . ( وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) (١) .
« وأسعده على ذلك القضاء » .
أسعد على الشيء وأسعده عليه أعانه والنائحة الثكلى أعانتها على البكاء (٢) .
وتأتي هذه الفقرة مكملة لما سبق من الفقرات الماضية من إعتذار الداعي بانه مخالفاته إنما كانت تبعاً لتسلط الهوى عليه ، وعدم إحتراسه ، وتحفظه من عدوه الذي كان سبباً في تزيين هذه المخالفات في نظره ، وزاد على ذلك ، وأعان عليه القضاء الذي لا طاقة له على رده . والى هنا ينتهي الشرح الاجمالي لهذه الفقرة ، قبل أن ننتقل الى الفقرة التالية . نجد السؤال الآتي يفرض نفسه علينا . والسؤال هو :
إن الذي يظهر في قوله « عليه السلام » ( وأسعده على ذلك القضاء ) ان القضاء كان له الدخل في الإِشتراك مع بقية العوامل التي كانت السبب في صدور هذه الذنوب . فما هو هذا القضاء ، وكيف يكون الداعي واقعاً تحت تأثيره بحيث لم يتمكن من مخالفته كما يقال : « أصبت بكذا » لأن ذلك كان بقدرٍ ، وقضاء علي ؟
__________________
(١) سورة البقرة : آية (١٦٨) .
(٢) لسان العرب : مادة ( سعر ) .