وقد جرت بمثل ذلك محاورة بين الإِمام أمير المؤمنين « عليه السلام » وبين سائل تصدى للسؤال منه .
يقول السائل : يا أمير المؤمنين ـ أخبرنا عن مسيرنا إلى الشام أكان بقضاء ، وقدر ؟
الإِمام : نعم يا شيخ . ما علوتم قلعة ، ولا هبطتم بطن واد إلا بقضاء من الله ، وقدر .
الشيخ : عند الله أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين ، والله ما أرى لي من الأجر شيئاً » (١) .
أما جواب الإِمام الى السائل فنرجئه الى ما سيأتي بعد بياننا لمعنى القضاء والقدر ، ليتضح لنا أن هذا السؤال قد طرح من قبل ، وإن الإِنسان إذا كان عرضة للقضاء والقدر ، فكيف يثاب ؟ وعلى أي شيء يعاقب . وهذه هي شبهة المجبرة الذين يقولون : أن العباد مجبورون على أفعالهم ، وليس لإِرادتهم في تلك الأعمال أي تأثير .
إذاً فلا بد من البحث عن معنى القضاء والقدر .
القضاء :
قلما يستعمل لفظ القضاء ، وبمفرده ، وعلى السن الناس ، بل نرى دائماً إذا جيء بلفظ القضاء أردف معه بلفظ القدر فيقال : القضاء والقدر . حتى أن الكثير يتخيل أن هاتين الكلمتين وضعتا
__________________
(١) أصول الكافي : باب الجبر والقدر ، والأمر بين الأمرين / من كتاب التوحيد حديث (١) .