وفي مقام المقارنة بين هذه المعاصي الخمس وبين ما جعل لكل واحدٍ منها من العقوبة قيل : أنه رتب « على كل احد من المعاصي المذكورة عقوبة مناسبة .
فإن الأول : لما كان فيه تضييع آلة النسل ناسبه الطاعون الموجب لإِنقطاعه ـ بناءً على أن الفاحشة هي الزنا ـ .
والثاني : لما كان القصد فيه زيادة المعيشة ناسبه القحط وشدة المؤنة ، وجور السلطان بأخذ المال ، وغيره .
والثالث : لما كان فيه منع ما أعطاه الله بتوسط الماء ناسبه منع نزول المطر من السماء .
والرابع : لما كان فيه ترك العدل ، والحاكم العادل ناسبه تسلط العدو ، وأخذ الأموال .
والخامس : لما كان فيه رفض الشريعة ، وترك القوانين العدلية ناسبه وقوع الظلم ، وغلبة بعضهم على بعض » (١) .
هذه نماذج ، وصور من العقاب في الدنيا جزاءً على صدور الذنوب والفحشاء ، والمنكر تأديباً ، وعبرة للغير في هذه الحياة .
القسم الثالث : من أقسام العقاب ، وهو ما يكون العذاب متوجهاً على العبد في الدنيا دون الآخرة ، وهذا يبتني على أن الله اذا أحب عبداً ، وله ذنب ابتلاه بأنواع العذاب ليكون ذلك تكفيراً له عما صدر منه من ذنب فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن الله عز وجل قال : ( ما من عبدٍ أريد أدخله الجنة إلا
__________________
(١) أسرار العارفين / ٦٧ .