وحبسني عن نفعي بعد آمالي ، وخَدعتني الدنيا بغرورها ، ونفسي بخيانتها ، ومطالي » .
ويقف الداعي أمام موازنة دقيقة تأخذ عليه مسالك التفكير يتصور حالته وجراءته على مولاه ، وكلما صدر منه من ذنوب .
ومن جهة اخرى يلاحظ نعم الله عليه ، فهو موفور الصحة كامل الأعضاء ينشر له ربه كل جميل ، ويستر عليه القبيح ، ويقيه العثرات فيا عجباً من هذا العطف ، واللطف .
ويلوم نفسه على ما صدر منه ، ولكنه يقنعها بأن لو لم يكن اهلاً للفضل ، ومحلاً للرحمة ، فإن الله سبحانه هو أهل الفضل ، والرحمة وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تعقيبات الصلوات اليومية قوله :
« اللهم ان لم اكن اهلاً أن أبلغ رحمتك ، فرحمتك أهل ان تبلغني وتسعني لأنها وسعت كل شيء » .
إن هذه الموازنة التي أجراها الداعي في نفسه بين ما صدر منه ، وما منحه ربه من فضل هي التي جعلت منه أن يبدأ إزدواجية الاعتذار عن قبيح ما صنع ، وبيان اسباب هذا التمادي الذي سبب له هذه الأعمال ، فاطلقها صرخة مدوية مكبراً ما صدر منه :
« اللهم عظم بلائي » .
والبلاء : هو الغم الذي يبلي الجسم (١) وبهذه الفقرة أنبأ
__________________
(١) أقرب الموارد : مادة ( بلي ) .