كذلك أبعد الناس المتكبرين » (١) .
وفي حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : « وان التواضع يزيد صاحبه رفعة فتواضعوا يرحمكم الله » (٢) .
أما في الحالة الثانية : وهي التواضع للناس ، فإنه يكون سبباً للمحبة وجلب الناس ، وكسب عواطفهم . والإِنسان مدني بالطبع لا ينفك عن الإِجتماع ، ومعاشرة الآخرين لذلك يكون التواضع من العوامل التي تقرب الفرد الى الآخرين ، وتحببه الى نفوسهم . ومن جراء ذلك تكون كلمته مقبولة عندهم ، ويكون لرأيه التأثير فيهم . وبهذا يتمكن المتواضع أن يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، ويؤدي رسالته التي يتوخى من ورائها ارشاد الآخرين ، وحملهم على الطريقة المثلى . إن السيطرة على القلوب لا تحصل الا من طريق التواضع لأن المتواضع تتطامن له النفوس ، ولهذا نرى الآية الكريمة تخاطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قائلة : ( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (٣) .
ويبقى علينا أن نتسائل عن حد التواضع ، والمقدار الذي ينبغي لكل شخص ان يتحلى به ؟ ونجد الإِجابة في الحديث الوارد عن الإِمام الرضا عليه السلام عندما سأله السائل بقوله :
« ما حد التواضع الذي اذا فعله العبد كان متواضعاً » ؟
فأجابه « عليه السلام » بقوله : « التواضع درجات : منها أن
__________________
(١ ـ ٢) باب التواضع من كتاب الايمان من أصول الكافي : حديث (١١ و ١) .
(٣) الشعراء : آية (٢١٥) .