كل هذا يجعل منه دوامة من التفكير المتواصل ، ومرتعاً خصباً للآلام النفسية لأن التبرم ، والتشكي ، والشعور بالنقص لا يزيد الإِنسان الا عقداً ، وتعقيداً لذلك يعلمنا الإِمام عليه السلام في هذه الفقرة من الدعاء أن نتحلى بالصبر ، والقبول ، وحتى لا يعكس هذا الشعور بالنقص ، وعدم الرضا بما هو مقسوم تأثيره السيء على تصرفاتنا وتعاملنا مع الناس ، والمجتمع .
إن القانع الذي يسير على الخط الذي رسمه الله ليعمل جاهداً ولكن بدون ملاحقة الآخرين ليجد في هذا النوع من التطامن اللذة النفسية ولهذا يوصف القانع بأنه : غني ، وإن جاع ، وعري .
فالقضية ليست قضية ما يسد البطن ، وما يكسو البدن فقط ، بل مع كل هذا راحة البال ، وهدوء النفس وتحليها بالقيم .
ومن كان هذا حاله فهو : غني بغض النظر عن حاجته الى المأكل ، والمشرب ، والملبس ، وهو ـ في الوقت نفسه ـ مستريح وان فقد المال ـ ( وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ) (١) .
وهذا إخبار من الله ، وضمان منه لعبده بأن ما قسمه الله من الرزق أبقى وأنمى ، وفيه البركة .
على أنه ليس المقصود من الرزق في الآية الكريمة هو المال فقط ، بل كل ما لدى الإِنسان من نعم كل ذلك رزق من الله . فالولد الصالح رزق ، والزوجة الصالحة رزق ، والمظهر الجميل رزق ، والمنزلة الاجتماعية رزق ، والعقل ، والصحة ، وحسن العاقبة كل ذلك رزق
__________________
(١) سورة طه : آية (١٣١) .