والثراء الذي يبعده عن المثل القيمة .
إن القناعة هي التي يحدد القرآن الكريم مفهومها بقوله تعالى :
( وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) (١) .
أي لا تتطلع الى ما في أيدي الناس من نعمٍ ربما كانت وبالاً عليهم ( إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا ) (٢) .
ومن يدري أن ذلك الذي حصلوا عليه كان في صلاحهم ؟ فالتطلع ، وانهاك النفس بالعمل على تحصيل مثل ما عند الغير ، أو التحرق على فقدانه لما منحه الله لآخرين معناه سلب الراحة ، وعدم الإِستقرار ، والعيش في دوامة من العمل المتواصل للوصول الى إكمال النقص .
على أن هذا الإِكمال المنشود لا يحصل لأن التفاوت بين الأفراد فيما يمنحه الله لهم لا يحقق لمثل هذا الفرد مطامحه من الوصول الى ما عند الغير . فغير القانع مهما سعى ، فإنه يجد من هو امكن منه ، وحينئذٍ يبقى يبذل من الجهد ما لا يحقق له الوصول ، وعلى فرض حصوله على ما ينشده من الأمور المادية فكيف الحال فيما لا يرجع الى المادة مما يتطلع اليه في هذه الحياة من الولد ، والعلم ، والشفاء من الأمراض وغير هذا وذاك ، من أمور المركزية المرموقة ، والوصول الى الرتب العالية ؟
__________________
(١) سورة طٰه : آية (١٣١) .
(٢) سورة آل عمران : آية (١٧٨) .