ونور الله ليس من القسم الأول ، بل هو نفحاته القدسية التي يستنير بها كل شيء ، ويهتدي من في السموات والأرض ، بعد ان كانت عدماً فخلقها ، ومنحها الوجود .
وقد اقتبست هذه الفقرة من الآية الكريمة :
في قوله تعالى : ( اللَّـهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) (١) .
النور الذي فيه قوامها ، ومنه نظامها فهو الذي يهبها جوهر وجودها ويودعها ناموسها .
ولقد استطاع البشر أخيراً أن يدركوا بعلمهم طرفاً من هذه الحقيقة الكبرى عندما استحال في أيديهم ما كان يسمى بالمادة بعد تحطيم الذرة الى اشعاعات منطلقة لا قوام لها الا النور ولا مادة لها الا النور فذرة المادة مؤلفة من كهارب واليكترونات تنطلق عند تحطيمها في هيئة إشعاع قوامه هو النور .
فأما القلب البشري فكان يدرك الحقيقة الكبرى قبل العلم بقرون كان يدركها كلما شف ، وقرب ، ولقد أدركها كاملة شاملة قلب محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ففاض بها وهو عائد من الطائف نافض كفيه من الناس عائذ بوجه ربه يقول :
« اعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، وفاض بها في رحلة الاسراء ، والمعراج فلما سألته عائشة هل رأيت ربك ؟ قال : نور إني أراه » (٢) .
__________________
(١) سورة النور : آية (٣٥) .
(٢) في ظلال القرآن في تفسيره لآية (٣٥) من سورة النور .