أن علمه من جملة ما اشتملت عليه الفقرة المتقدمة بقوله « وبأسمائك التي ملأت أركان كل شيء » ومن جملة اسمائه العليم ، العالم . وإذاً فقد أقسم الداعي على الله بعلمه فما هو وجه التصريح بهذه الصفة مع تقدمها اجمالاً ، وفي اسمائه جلّت عظمته ؟
ويجاب عن ذلك : بعدم المنافاة بين البيانين إجمالاً في الأول ، وتفصيلاً في الثاني لخصوصية في التنصيص على صفة العلم المحيط بكل شيء ، وربما كانت الخصوصية هي : بيان حال الداعي عند تدرجه في التضرع اليه سبحانه ، وبالقسم عليه بصفاته وانه صادق في هذا الالتجاء حيث أقسم عليه مجدداً بعلمه الذي أحاط بكل شيء ، ومن جملة ما أحاط به علمه هو حالته التي هو عليها من التوبة ، والندم ، وأنه صادق في توسله الذي يخرج عن قلب فإن الله : ( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ) (١) .
« وبنور وجهك »
النور : بالضم الضوء ، وهو خلاف الظلمة ، وقيل : النور كيفية تدركها الباصرة ، جمع انوار ، ونيران .
والنور قسمان : حسي ، ومعنوي .
أما الحسي : فهو ما كان قائماً بغيره كنور الشمس ، ونور الكهرباء وغيرهما .
واما المعنوي : فهو ما كان قائماً بذاته .
__________________
(١) سورة غافر : آية (١٩) .