وأما هو ، فإن ما روي عنه من ذلك غير ثابت ، بل لا يصح البتة ، لجلالة ، شأنه وتنزهه عن مثل ذلك ، وهو أخو النبي ونفسه ، وإن استقر مذهب أهل الحق على جواز صدور المباح والمكروه عن المعصوم عليه الصلاة والسلام ، لكن لا بما أنه مباح أو مكروه ، بل لبيان الجواز.
فإن قلت: لعل الوجه في بول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قائما هو ذلك ، وأنتم لا تمنعونه.
قلت : قد تقدم آنفا بيان عدم صحة هذا الحمل في المقام ، وأن دأب العقلاء ـ لا سيما الشارع المطهر صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي هو رئيسهم ـ عدم ارتكاب مثل هذه الأمور في ملأ من قومه ، بل الاقتصار على البيان بالقول دون الفعل ، وهذا واضح لا سترة عليه.
وأما نسبة البول من قيام إلى عمر بن الخطاب ، فقد أخرج ابن أبي شيبة في «المصنف» (٣٣) عن ابن إدريس ، عن الأعمش ، عن زيد ، قال : رأيت عمر بال قائما.
إلا أنه معارض بما أخرجه في «المصنف» أيضا والترمذي في «الجامع الصحيح» (٣٤) عن ابن عمر ، عن عمر ، قال : ما بلت قائما منذ أسلمت ، وأخرجه الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٣٥) ونسبه للبزار وقال : رجاله ثقات.
والذي يظهر من كلام زيد بن وهب الجهني أن صدور ذلك عن عمر كان بعد إسلامه ، لأنه رحل إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقبض وهو في الطريق ، وقد روى عن عمر ـ كما بترجمته في تهذيب التهذيب (٣٦) ـ.
ويؤيده ما رواه الترمذي عن عبد الكريم بن أبي المخارق ، عن نافع ، عن
__________________
(٣٣) المصنف ١ / ١٢٣.
(٣٤) المصنف ١ / ١٢٤ ، سنن الترمذي ١ / ١٨ ذيل الحديث ١٢.
(٣٥) مجمع الزوائد ١ / ٢٠٦.
(٣٦) تهذيب التهذيب ٢ / ٢٤٩.