ابن عمر ، عن عمر ، قال : رآني النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنا أبول قائما ، فقال : يا عمر ، لا تبل قائما ، فما بلت قائما بعد (٣٧).
وهذا يدل بظاهره على أن عمر كان يبول قائما بعد إسلامه حتى نهاه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لكنه معارض برواية ابن عمر المتقدمة ، فإن تكافأتا وإلا فقد ذكر الترمذي أن عبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف عند أهل الحديث ، ضعفه أيوب السختياني وتكلم فيه ، ثم ذكر رواية ابن عمر المتقدمة وقال : هذا أصح من حديث عبد الكريم (٣٨).
قلت : ويظهر من ذلك أن البول قائما كان مستقبحا عندهم ، ولذا نهاه النبي صلى الله وآله وسلم عنه ، وألزم عمر نفسه بالإقلاع عن هذا الصنيع لينتهي بنهيه عليه وآله الصلاة والسلام ، ويتحلى بآداب الدين وسنن الشريعة الغراء ، والله تعالى أعلم.
وأما عبد الله بن عمر ، فهو الذي روى حديث نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم أباه عن البول قائما ، وهو يعلم أن النهي لا يخص أباه ، فكيف يخالفه؟! وقد تقرر أن خطابه صلىاللهعليهوآلهوسلم للواحد يشمل غيره حتى يقوم دليل الخصوصية ، هذا مع جواز صدور ذلك عنه ضرورة.
__________________
(٣٧) سنن الترمذي (الجامع الصحيح) ١ / ١٧ ، مصابيح السنة ١ / ٢٨.
(٣٨) سنن الترمذي ١ / ١٧ ذيل الحديث ١٢.
قال مسلم بن مقدمة كتابه : حدثنا محمد بن رافع وحجاج بن الشاعر ، قالا : حدثنا عبد الرزاق ، قال : قال معمر : ما رأيت أيوب اغتاب أحدا قط إلا عبد الكريم يعني أبا أمية ، فإنه ذكره فقال : كان غير ثقة ، لقد سألني عن حديث لعكرمة ثم قال : سمعت عكرمة.
وقال أيوب أيضا : لا تأخذوا عن أبي أمية عبد الكريم فإنه ليس بثقة ، وضعفه أحمد وقال : كان ابن عيينة يستضعفه ، وقال ابن معين : ضعيف ، وقال ابن عدي : الضعف على رواياته بين ، وقال النسائي والدارقطني : متروك ، وقال السعدي : كان غير ثقة ، وقال ابن حبان : كان كثير الوهم فاحش الخطأ ، فلما كثر ذلك منه بطل الاحتجاج به ، وقال أبو أحمد الحاكم : ليس بالقوي عندهم ، كما بترجمته في تهذيب التهذيب ٣ / ٤٨٥ ـ ٤٨٦.