ولكن قد تلوح للناظر في الروايات ... هنا وهناك ... بعض الحقائق التي حاول التكتم عنها في كتب القدماء أصحابها ...
ففي رواية الفقيه ابن المغازلي الشافعي ـ المتوفّى سنة ٤٨٣ هـ ـ بإسناده عن عبدالله بن عمر ، قال : «صعد عمر بن الخطّاب المنبر فقال : أيّها الناس إنّه ـ والله ـ ما حملني على الإِلحاح على عليّ بن أبي طالب في ابنته إلاّ أنّي وصهري ، فإنّهما يأتيان يوم القيامة يشفعان لصاحبها» (٦٨).
يفيد هذا الخبر أنّ القضية كانت مورد تعجّب من الناس وتساؤل في المجتمع ، الأمر الذي اضطرّ عمر إلى أنْ يعلن عن قصده في خطبة أُمّ كلثوم ، ويحلف بالله بأنّه ليس إلاّ ما سمعه من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وأنّه كان منه «الإلحاح» في ذلك ... لكن لم يزد هذا اللفظ على «الإلحاح» شيئاً! فلم يوضّح كيفيّة الإلحاح ، ولا ما كان من الإمام عليه السلام ...
وفي رواية الخطيب : «خطب عمر بن الخطّاب إلى عليّ بن أبي طالب ابنته من فاطمة وأكثر تردّده إليه ، فقال : يا أبا الحسن ما يحملني على كثرة تردّدي إليك إلاّ حديث سمعته من رسول الله ...» ففيه : «أكثر تردّده إليه».
وفي بعض الروايات ما يستشمّ منه التهديد ، ففي رواية لابن سعد قال عمر في جواب قول الإمام عليه السلام : «إنّها صبيّة» قال : «إنّك والله ما بك ذلك ، ذلك ، ولكن قد علمنا ما بك» وفي رواية الدولابي والمحبّ الطبري عن ابن إسحاق : «فقال عمر : لا والله ما ذلك بك ، ولكنْ أردت منعي» (٦٩). ولما وقع الخلاف بين أهل البيت في تزويجه وسمع عمر بمخالفة عقيل قال : «ويح عقيل ، سفيه أحمق» (٧٠).
__________________
(٦٨) مناقب أمير المؤمنين لابن المغازلي : ١١٠.
(٦٩) ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى : ١٦٨.
(٧٠) مجمع الزوائد ٤ / ٢٧٢.