(٣)
نظرات في متون الأخبار ودلالاتها
وهلمَّ معي ... بعد النظر في أسانيد أخبار القصّة ... إلى النظر في ألفاظها ودلالاتها ... لنرى التضارب في الدلالة والتلاعب في اللفظ ... في جميع مراحل القصّة ...
(١)
لقد جاء في الأخبار المذكورة أنّ الإِمام عليه السلام اعتلّ بالصغر وبأنّه حبسها على ابن أخيه جعفر بن أبي طالب ، ففي رواية لابن سعد : «فقال عليٌّ : إنّما حبست بناتي على أولاد جعفر» وعند الحاكم : «إنّي لأرصدها لابن أخي» وفي أُخرى لابن سعد : «إنّها صبيّة» وكذا عند ابني عبد البرّ والأثير وغيرهما ، وعند البيهقي : «إنّها لتصغر عن ذلك».
ثم إنّه لم يذكر فيها إلاّ أنّ عمر «عاودة» فقال : «أنكحنيها فوالله ما على ظهر الأرض ...» فما كان منه عليه السلام ـ بحسب هذه الأخبار ـ إلاّ أن أرسلها إليه «لينظر إليها» ...! وأُضيف في بعضها بأنّه أمر بها «فزيّنت» أو «فصنعت» فبعثها إليه ... فإنّ أعجبته ورضي بها فهي زوجة له ...!
أترى أن ينقلب موقف الإمام عليه السلام من الامتناع لكونها صغيرة ، ولكونه قد حبسها لابن أخيه ـ ولعلّه لأسباب أُخرى أيضاً ... غير مذكورة في الأخبار ـ ينقلب من الامتناع إلى الانصياع ، بهذه البساطة ، والى هذا الحدّ؟!
إنّ هذا ـ لعمري ـ يستوجب الشكّ ويستوقف الفكر!