فهذا الحديث يدلّ على أنّ الحمل بفاطمة قد كان حينما كان جبرئيل عليه السلام يلتقي بالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وقد كان ذلك بعد بعثته صلّى الله عليه وآله وسلّم.
كما أنّه يدلّ على أنّ الحمل بفاطمة قد كان بعد عدّة سنوات من البعثة ، أي بعد إظهار قريش لعدائها لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم; وحينما هجرت نساء قريش خديجة رحمها الله ، ولم يكن ذلك إلاّ بعد البعثة بعدّة سنوات ، أي بعد انتهاء الدعوة غير المعلَنة ، ثمّ الدخول في مرحلة جديدة ، كما هو ظاهر.
د ـ ما روي من أنّ أبا بكر خطب فاطمة فردّه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ثمّ خطبها عمر فردّه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وقال لهما : إنّها صغيرة; فخطبها عليٌّ عليه السلام ، فزوَّجه (٥٨).
فلمّا عاتب الخاطبون رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على منعهم ، وتزويج عليّ عليه السلام ، قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : والله ، ما أنا منعتكم وزوَّجته ، بل الله منعكم وزوّجه (٥٩).
ومن الواضح : أنّ تزويج فاطمة قد كان في السنة الثانية بعد الهجرة ، فالتعليل لردّهما بكونها صغيرة ، يشير إلى أنّ ولادتها قد كانت بعد البعثة بعدّة سنوات ، إذ لو كانت قد وُلدت قبل البعثة بخمس سنوات كما يدّعون لكان عمرها حين زواجها نحو عشرين سنة ، ولا يقال لمن تكون بهذه السنّ : إنّها صغيرة!!
__________________
(٥٨) خصائص أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب للنسائي ص ١١٤ ، ومناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٤٥ ، وتذكرة الخواصّ : ٣٠٦ و ٣٠٧ ، ومستدرك الحاكم على الصحيحين ٢ / ١٦٧ و ١٦٨ ، وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع بهامشه) وسكت عنه ، وسنن النسائي ٦ / ٦٢ ، وقد ذكرنا لحديث الخطبة والردّ ثمّ التزويج لعليّ عليه السلام مصادر كثيرة في كتابنا : الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم ٤ / ٢٦ و ٢٧.
(٥٩) راجع : بحار الأنوار ٤٣ / ٩٢ وغير ذلك.