الرماني البغدادي الاتجاه ، فإنّه يكون قد اتصّل بتيّار فكريّ اعتزالي جديد. وهناك من الأدلّة الشيء الكثير الذي يُقْنِعُنا بأنّه وجد في الثاني التعليم المقنع والجواب المناسب لما كان يدور في نفسه من الأسئلة العلمية. ولعلّ رواسبه الفكرية كانت تساعده على الاندماج في هذا الاتجاه الجديد وهذا هو الذي يفسّر لنا ما جاء في رواية ابن ادريس والشيخ ورّام من أنّ استاذه السابق علي الرماني (ربّما عجز عن البحث معه والخروج عن عهدته فأشار عليه بالمضيّ إلى علي بن عيسى الرمّاني الذي هو من أعاظم علماء الكلام) (وقد مرّ بمصادره). ونرى في هذا دليلاً مقنعاً على أن يكون الاستاذ السابق هو أبو عبدالله البصري المختلف مع تلميذه في اتجاهه الفكري ، والّذي لم يكن ليرضي نهمه العلمي ، بل ولا يملك ما يقنع تلميذه بصحة ارائه والثقة بسلامة اتجاهه الاعتزالي القائم على اتباع المدرسة البصرية.
ولعلّ من آثار تتلمذ المفيد على الرمّاني معارضته لمدرسة البصرة ومعاكسته لرجالها وخصائصها خاصة أبرز شيوخها وآخر من يمثل بحقّ مدرستها وهما أبو عليّ الجبّائي وابنه أبو هاشم (٣١٤).
ولا بدّ لي من التنبيه على انّي استعملت (التأثر) وأنا عالم بخطأ هذا الاستعمال ، وإنّما أردت به موافقة التلميذ لأراء استاذه الجديد دون القديم فحسب.
والسر في هذا انّي قد قدّمت أنّ المفيد تعلّم الكلام الإمامي القائم على خصائص عقيدة الشيعة الإِمامية وتشبع بها فحينما ينكر رأياً اعتزالياً بصرياً
__________________
(٣١٤) راجع معارضته للاتجاه البصري اوائل المقالات ـ ط المؤتمر ـ / ٥٣ ، ٥٤ ، ٥٩ ، ٦٠ ـ وفيها موردان ـ ، ٦١ ، ٨٨ ، ٨٩ ـ وفيها موردان ـ ٩١ ، ٩٣ ، ٩٨ ، ١٠٣ ، ١٠٩ ، ١١١ ، ١١٣ ـ وفيها موردان ـ وانكار المفيد الشديد لأحوال ابي هاشم ـ ٥٢ ، ٥٦ ولاراء ابيه ابي علي / اوائل المقالات / ٦١ ، ٨٥ ، ٩٦ ، ١٢٥ واراء ابنه ابي هاشم / ٨٦ ، ١٠٥ ، ورأي الاثنين / ٩٢ ، ٩٧ ، ١٠٠ ، ١٠٢ ـ ١٠٣ ، ١٠٤ ، ١٠٥ ـ ١٠٦ ، ١٢٩ ، ١٣٠.