العقيدة وفيما يجب الإيمان به عن إخوانهم المتكلمين. والافتراق إنّما يرجع إلى كيفية الاستدلال وبرمجة الفكرة ، وعرضها في قالب فكري.
هـ ـ أنّ الاتهام الّذي يُوجهه أصحاب مدرسة الحديث غير الإماميّة إلى إخوانهم المتكلمين ، بجهلهم بالحديث ، وزهدهم في سماعة وتحمّله ، وترفّعهم عن الالتزام بمضمونه ـ ولا اُريد أن أقرّهم أنّهم على حق ، فإنّ للمتكلمين عذرهم المعقول والمقبول في رفض الحديث غير الإمامي أو عدم الالتزام العقائدي بمضمونه ، وقد قدّمت أمثلة لذلك.
أقول : إنّ مثل هذا الاتهام لا أثر له عند الإماميّة. فإنّ كبار متكلمي الإمامية ـ ومنهم الشيخ المفيد ـ كانوا رواة للحديث بما له من سعة وشمول ، ورعاة لمضامينه ومداليله ، بنفس المستوى الّذي نجده عند من لم يُعْنَ إلاّ بالحديث وحده.
٣ ـ الشيخ المفيد وموقعه من الكلام الإِماميّ :
والآن وبعد أن انتهيت إلى (بيت القصيد) أجد نفسي قد استنزفت كلّ ما كنت أملك من وقت واستعداد وتهيُّؤ ، فأكتفي هنا بالترجمة التي كنت قد أعددتها ضمن تراجم متكلمي الإماميّة كما أشرت إليه في مفتتح هذا المقال ، وأتوسع بعض التوسّع فيما ذكرته والّذي يرجع إلى دراسته واساتذته ومدى التأثير الّذي كان لهم عليه والتأثير الذي كان له عليهم. وهو أهم بكثير مما كان لهم عليه.
وإني أعتذر إلى شيخ الاُمة وعالمها ومتكلمها المفيد والسر واضح ، فالمفيد علم شامخ لا يسموا إليه إلاّ من يملك ما كان يملكه هو ، ومتى أجدني أملك ما يملك؟ كيف لي أن أتناول أراءه الكلامية وقد وهبه الله تعالى ما لا يمنحه إلاّ للأفذاذ من عباده المخلصين!.
وحتى تفاصيل الآراء التي تعرّض لها مكدرموت في كتابه (اراء الشيخ المفيد الكلامية) ، إن كان هناك نقاط اختلاف في الرأي مع المؤلف فإنّي أتركها إلى فرصة اُخرى لعلّ الله سبحانه يوفقني إلى أنْ أكتبها ، وبالله التوفيق