وخصائصه المميزة له عن غيره ، لم يستعط غيره ، ولم ينعم عليه غيره بارائه وأفكاره ، كان له وجود مستمر على الساحة العقائدية ، نشط فعال له في كلّ عصر أعلامه ورجاله إلى عصر الشيخ المفيد الّذي سيأتي أنّه أخذ الكلام الإمامي من أساتذة إماميّين ، وإنّه إن رجع إلى غيرهم ، لم يرجع لحاجة داخلية ترجع إلى المجتمع الشيعي الإماميّ ، وإنّما رجع لحاجته إلى مَنْ يصوّر له المدرسة البغدادية ويدافع عنها أمام مدرسة البصرة.
ب ـ إنّ المعتزلة هم الذين تأثروا بالإمامية ، دون العكس ، فالمعتزلة في بدء نشأتهم تأثروا بهم في النقاط التي يتّفق عليها المعتزلة ـ ومن الطبيعي أن يكون ضمن الحدود المعقولة لهم ككيان سُنّي مستقل لا يقول بالإمامة الإلهية ولا بلوازمها ـ ، وعندما افترقوا إلى مدرستين ، فالعامل الّذي أوجب انفصال البغداديين من إخوانهم البصريين ، لم يكن سوى إنّ هؤلاء احتكّوا بمتكلمي الإمامية فكرياً فتأثروا بهم ، دون أُولئك.
وهذا هو التعليل المعقول الّذي يتّفق مع كل الاعتبارات التاريخية والمذهبية ، وليس اعتباطياً ومجازفة في القول ، أو تخرّصاً بالغيب!
ج ـ ومن الخطأ في التعليل والاعتباط في الرأي أن نجعل موافقة الإمامية للمعتزلة دليلاً على تأثرهم بهم ، وهكذا حضور إمامي عند معتزلي شاهداً على استجداء العقيدة واستماحة الفكرة.
لا يصحّ هذا لا في المفيد ، ولا فيمن سبقه من متكلمي الإماميّة ولا فيمن تأخر عنه.
د ـ أن الذي نجده عند غير الإمامية من انقسامهم إلى مدرستين : مدرسة أصحاب الحديث ، ومدرسة المتكلمين ، وأنّ الّذي يتجه إلى الحديث كلّما توغّل فيه أكثر فأكثر والتزم بمضمونه ابتعد عن الكلام ومسائله ، وعلى العكس كلمّا توغّل في الكلام ابتعد من الحديث والالتزام به.
إنّ هذا الانقسام لا نجده عند الإمامية ، فالمحدّثون لا يفترقون في اُصول