أبي عبد الله البصري الذي كان يمثل معتزلة البصرة.
بل أنّ المفيد قد ألف : (الرسالة المقنعة في وفاق البغداديين من المعتزلة لما روى عن الأئمة ، عليهم السلام) (راجع كتب المفيد = ٢٠) ، وفي هذا كفاية لما اُريد أن أقول.
وقد ذكر مكدرموت مثالاّ لهذا ، وانّ معتزلة بغداد وافقوا فيها رأي جمهور آل البيت عليهم السلام (مكدرموت ، النصّ الانجليزي / ٨٠ ـ ٨١) ، وانظر في الموضوع نفسه أوائل المقالات ـ ط المؤتمر / ٦١).
وليست بغداد بأرضها شيعية والبصرة سنيّة ، فإنّ بغداد كانت يومذاك موئل السّنّة ومركز علمهم وحديثهم وفقههم ، ولم تكن البصرة يومذاك في مستواها ، وهذا واضح لمن درس (تاريخ بغداد) للخطيب وغيره من تواريخها.
إنّما الفارق بين البلدين تواجد الإمامية في بغداد وعدم تواجدهم في البصرة.
وكلّ الشواهد والأدلّة تسوقنا إلى أنّ معتزلة بغداد من بشر بن المعتمر فمَنْ بعد إنّما افترقوا عن إخوانهم البصريين لاتصالهم بمتكلمي الإمامية الذين كانوا يتواجدون في بغداد دون البصرة ، وقد مرّ عندما ترجمنا بعض الشيء لهشام بن الحكم والندوة البرمكية التي كان يتزعمها ، ومن حضّارها بشر بن المعتمر وغيره من شيوخ المعتزلة ، وليس تأثر النظام بالإمامية أقوى من غيره ، ولا مجال هنا للاستمرار في وإعطاء الأمثلة وذكر المصادر.
وكلّ هذا يؤكد لنا أنّ هذا الافتراق إنما حَصَلَ من جهة احتكاك المعتزلة في بغداد بالإمامية فتأثروا بهم دون معتزلة البصرة الّذين انطووا على أنفسهم ـ ولو من جهة عدم تواجد الإمامية هناك ـ فعاشوا كما نشأوا ، ولم يتغيروا عما كانوا عليه.
٨ ـ والآن يحق لي أنّ اُلخّص جميع ما قدمت في النقاط التالية :
أ ـ أنّ الكلام الإماميّ منذ أن نشأ كان له وجوده الخاصّ وكيانه الخاصّ