تصحيح الاخطاء في كيفية الاستدلال ، بل وفي تصوير المعتقد إلى حدّ ما ، ولكن هذا شيء لا يختصر بأحد الفريقين دون الآخر كي يصح أن يقال : ان الإماميّة تأثروا ، وغيرهم بقي كالصخرة الصّماء الصامدة لا يهزّها شيء!
٧ ـ ولا بدّ لنا من وقفة أمام هذا الانقسام الذي نجده في الفكر الاعتزالي. فالمعتزلة قد انقسموا إلى مدرستين : المدرسة البغدادية والمدرسة البصرية ، وأقربهما إلى الإمامية هي البغدادية ، وأبعدهما البصرية ، فلماذا حصل هكذا؟ ما هي العوامل التي جعلت المدرسة البغدادية تلتقي مع الكلام الإماميّ في كثير من النقاط ، بل وحتّى في النظرة المذهبية إلى إمام الأئمة وسيد العترة أمير المؤمنين عليه السلام؟ فالمعروف عن معتزلة بغداد أنّهم مفضّلة يرونه عليه السلام أفضل الخلق بعد أخيه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ولا يستثنون أحداً ممّن تقدّم عليه أو تأخر ، ولا مجال للتوسع واستقصاء المصادر ، وفيما سيأتي من الكلام عن المفيد واستاذيه المعتزليين مثال لما قلت. وعلى العكس من هذا معتزلة البصرة ، فبعد أنْ نجد في تأريخ رائدي الاعتزال : واصل ابن عطاء وعمرو بن عبيد ما فيه غمط لحقه وإنكار لفضله عليه السلام ، بل والنّصب والبغض ـ وإن كان خفيفاً ـ ، وأصبح هذا خلقاً لرجال المدرسة البصرية كالأصمّ وغيره.
وهذا جانب من الافتراق ن وإما في الجوانب الاُخر ، فإنّ كثيراً من الأمثلة قد اشرت إليها عندما تكلّمت عن موقف الشيخ المفيد من المعتزلة ، وإنه عندما يستعرض نقاط الخلاف بين المدرستين نجده يذكر أنّ معتزلة بغداد يوافقون الإماميّة ، وإن معتزلة البصرة يناهضون.
وقد ساق مكدرموت أمثلة كثيرة لذلك قارن فيهابين أراء المفيد واراء القاضي عبد الجبار ، وذكر أنّ المفيد يميل إلى معتزلة بغداد ، وإنّ القاضي يميل إلى البصريين. (راجع مكدرموت ، النصّ الانجليزي / ٧٩ ـ ٣٠٧).
وسيأتي الكلام في هذا وأنّ القاضي إنّما تبع في ذلك ما تلقاه من استاذه