الامثلة تشهد بذلك ـ ، وكانت هذه الأحاديث نفسها هي الّتي جرّت غيرهم إلى التجسيم والتشبيه عالمين أو غير عالمين وبذلك توافقت اراؤهم ـ أوتوافق ما حكوه من ارائهم ، وان لم يثبت أنّهم ، أو أن البعض منهم قد آمن بها ـ.
وكمثال واحد لتأثير هذه الاحاديث في البيئة الإِمامية ، يضاف إلى الامثلة المتقدمة ، ما يرويه الصدوق بسنده عن يعقوب السَّرّاج ، قال :
قلت لأبي عبد الله ، عليه السلام : إنّ بعض أصحابنا يزعم أنّ لله صورة مثل صورة الإنسان ، وقال آخر : إنّه في صورة أمرد ، جَعْد ، قطَطَ [راجع ما تقدم] فخرّ أبو عبد الله عليه السلام ساجداً ، ثم رفع رأسه ، فقال : سُبْحانَ الله الّذي ليس كمثله شيء ، ولا تدركه الأبصار ، ولا يُحيطُ به علم ، لم يلد ، لأنَّ الوَلَد يُشْبِه أباه ، ولم يُولَد فيُشْبِه مَنْ كان قَبْلَه ، كفوا أحد ، تعالى عن صفة من سواه عُلُوّاً كبيراً (٢٤٨).
وهناك عامل آخر ، أكتفي فيه بذكر شاهد واحد عليه ولا أشرح ولا أُعَلّق ، وهو ما جاء عن ابن أبي عمير ، محمد بن زياد الأزدي البغدادي (٢١٧ / ٨٣٢) المحدّث والعالم الإمامي الشهير ، فيما يرويه الكشي عن الفضل ابن شاذان ، قال :
سأل أبي محمد بن أبي عمير ، فقال له : إنّك قد لقيت مشايخ العامّة (٢٤٩) فكيف لم تسمع منهم؟ فقال : قد سَمِعْتُ منهم ، غير أنّي رأيتُ كثيراً من أصحابنا قد سمعوا علم العامّة وعلم الخاصّة ، فاختلط عليهم ، حتّى كانوا يروون حديث العامّة عن الخاصّة وحديث الخاصّة عن العامّة ، فكرهتُ أنْ يختلط عليَّ فتركتُ ذلك وأقبلتُ على هذا (٢٥٠)» (٢٥١).
__________________
(٢٤٨) التوحيد / ١٠٣ ـ ١٠٤ ، البحار ، ٣ / ٣٠٤.
(٢٤٩) أي غير الإمامية.
(٢٥٠) تركت رواية أحاديث غير الإمامية واقتصرت على أحاديثهم.
(٢٥١) الكشي / ٥٩٠ ـ ٥٩١ ، مجمع الرجال ، ٥ / ١١٨ ، معجم رجال الحديث ، ١٤ / ٢٩٩.