مثل هذا الذي بين يدي ، لحم ودم! (٢٢٣).
٣ ـ داود الجَواربي :
لم يذكروا عنه شيئاً ، بل ولا اسم أبيه ، سوى ما حكوه عن يزيد بن هارون الواسطي (١١٨ / ٧٣٦ ـ ٢٠٦ / ٨٢١) ـ من اعلام المحدّثين المتّفق عليهم ـ أنّه كان يقول : الجواربي والمَريسي [بشر بن غياث] كافران. وكان يذكر أنّ داود الجَواربي عَبَر جسر واسط فانقطع الجسر ، فغرق من كان عليه [سوى داود الذي نَجَا] فكان يزيد يقول : انّ الذي «خرج شيطان فقال : أنا داود الجواربي» (٢٢٤).
ومن هذا يظهر انه كان عراقياً ، وانّه وبشراً متعاصران.
عدّ الاشعري داوداً واصحابه من فرق المُرْجئة ، وعده الشهرستاني ، هو ونُعَيْم بن حمّاد من مُشبِّهة أصحاب الحديث الحشوية الذين وافقوا مقاتل ابن سليمان ، وهكذا صنع عبد القاهر البغدادي ، وأبو المظفّر الاسفراييني ، وغيرهما فعدّوه من «المشبّهة» لا من «الرافضة» او «الرافضة المشبّهة».
وحكوا عنه انه كان يقول : «إنّ معبوده جسم ، ولحم ، ودم ، وله جوارح وأعضاء ، من يد ، ورِجْل ، ورأس ، ولسان ، وعَيْنَيْن ، وأُذنَين ، ومع ذلك جسم لا كالأجسام ، ولحم لا كاللحوم ، ودم لا كالدِّماء ، وكذلك سائر الصِّفات ، وهو لا يُشْبه شيئاً من المخلوقات ، ولا يُشْبِهُه شيءً ، وهو أجوف من أعلاه إلى صدره ، مُصْمَتُ ما سوى ذلك ، وأنَّ له وفرةً سوداء ، وله شَعْر قَطَطُ». وكان داود الجواربي يقول : «اعفوني عن الفرج واللحية ، واسألوني عمّا وراء ذلك ، فإنّ في الأخبار ما يثبت ذلك» (٢٢٥).
__________________
(٢٢٣) ابن المرتضى ، المنية والأمل / ١١٦ ، ابن أبي الحديد ، ٣ / ٢٢٥.
(٢٢٤) ميزان الاعتدال ، ٢ / ٢٣ ، لسان الميزان ، ٢ / ٤٢٧ ، تاريخ الاسلام (٢٢١ ـ ٢٣٠) / ٤٧٦ = ٤٩٧.
(٢٢٥) مقالات الاسلاميين ، ١ / ٢١٤ ، ٢٥٨ ـ ٢٥٩ ، الملل والنحل ، ١ / ١٨٧ ، البدء والتاريخ ، ٥ / ١٤٠ ، الفرق بين الفرق / ٢١٦ ، ٣٢٠ ، اصول الدين / ٧٤ ، ٣٣٧ ، التبصير في الدين / ١٠٧ ، تلبيس ابليس / ٨٦ ، ٨٧.