يذكر ابن الاثير وغيره في أحداث سنة ٣١٧ / ٩٢٩ «ففيها وقعت فتنة عظيمة ببغداد بين أصحاب أبي بكر المروزي الحنبلي وبين غيرهم من العامة ، ودخل كثير من الجند فيها ، وسبب ذلك : أنّ أصحاب المروزي قالوا ، في تفسير قوله تعالى : (عَسَى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) هو : أَنّ الله سبحانه يُقْعِدُ النبيَّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم معه على العرش ، وقالت الطائفة الأُخرى : إنّما هو الشَّفاعة [وهو التفسير الصحيح المتّفق عليه بين الشيعة وكثير من علماء السُّنَّة] فوقعت الفتنة واقتتلوا ، فقُتِل بينهم قَتْلى كثيرةٌ» (٢١٤).
٦ ـ ولم أجد تفسيراً معقولاً لما نسب إلى الجواليقي من قوله : انّه سبحانه أجوف إلى السُّرَّة ، والبقيّة صَمَدٌ ، سوى انّه فسّر «الصَّمَد» بالمُصْمَت ـ التفسير الذي ستأتي الإشارة اليه ـ ووجد ما دلّ على انّ سبحانه من الأعضاء والجوارح ما يتنافى وكونه مُصْمتاً من رأسه إلى قدمه! وقد مرّ انّه أثبت له سبحانه ، كلّ عضو «إلاّ الفَرْج واللحية» فاضطرّ إلى أنْ يجزِّئه سبحانه جُزْءَيْن : أعلى مجوّف ، وأسفل صَمد مُصْمَت لا فرج له!
٢١ ـ ما نسب إلى الهشامين جاء منسوباً إلى غيرهم :
ومن المناسب جدّاً أنْ نذكر أنّ ما نسبوه إلى هشام بن الحكم او إلى هشام الجواليقي قد حكوه عن آخرين سبقوهما او كانوا معاصرين لهما ، منهم :
١ ـ أبو الحسن مقاتل بن سليمان الازدي ، البلخي ، المروزي (ح ٧٠ / ٦٨٩ ـ ١٥٠ / ٧٦٧) سمع الكثير وحدّت الكثير ، واختص بالتفسير. جال في البلاد الإِسلامية : مرو ، ثم العراق ، والحجاز ، والشام ، ففسر وحدّث بمكّة ، وبغداد ، وبيروت ، واستقرّ اخيراً بالبصرة وبها مات. اشتهر بتفسير القرآن الكريم حتى قال عنه الشافعي : الناس عِيال على مقاتل في التفسير. وكان ممَّنْ يُضْرَب به المَثَل في القول بالتجسيم والتشبيه الصريحين ، والكذب
__________________
(٢١٤) ابن الاثير ، ٨ / ٢١٣ ، ابن كثير ، ١١ / ١٦٢ ، ابو الفداء ، ٢ / ٧٤ ـ ٧٥ ، ابن الوردي ، ١ / ٣٩٠ ، تاريخ الخلفاء / ٣٨٤.