هشام بن سالم.
وحديث الحسن بن عبد الرحمن الجمَّاني ، قال : قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام : إنّ هشام بن الحكم زعم أنّ الله جسم ليس كمثله شيء (١٢٤) عالم ، سميع ، بصير ، قادر ، متكلّم ، ناطق ، والكلام والقدرة والعلم يجري مجرىً واحداً ليس شيء منها مخلوقاً. فأنكر عليه السلام القول بالجسم ، لأن الجسم محدود ، ونبّه أنّ هذه الصفات لا تجري مجرى واحداً ، فمنها ما هو من صفات الذات كالعلم والقدرة ، ومنها ما هو من صفات الأفعال كالكلام والنطق ... (١٢٥).
وجاء في حديث علي بن أبي حمزة ، أنّه قال : «قلت لأبي عبد الله عليه السلام : سمعت هشام بن الحكم يروي عنكم : أنّ الله جسم ، صمديّ ، نوري ، معرفته ضرورة يَمُنُّ بها على من يشاء من خلقه» (١٢٦) ولكن من المحتمل احتمالاً قويّاً انّ الراوي خلط بين كلام هشام بن الحكم وبين ما نسب إلى هشام ابن سالم ـ كما سيأتي ـ ومهما يكن فإنّ معنى الحديث لا يختلف عمّا تقدّمه.
وقد حكي عن هشام نفس هذا القول في كتب المقالات : «هو جسم لا كالأجسام» وانّ هشاماً كان يقول : إنّما أُريد بقوله «جسم» أنّه موجود ، وأنَّه شيء ، وأنَّه قائم بنفسه ، لأنّ ما هو موجود ، إمّا أنْ يكون جسماً أو صفة من صفات الأَجسام ، ولا ثالث (١٢٧) وقد تقدّم أنّ هشاماً أخذ قوله هذا عن جهم بن صفوان.
وعذر هشام في ذلك أنّه لم يعثر على لفظ آخر يؤدّي معنى الموجود القائم
__________________
(١٢٤) أي : جسم لا كالأجسام.
(١٢٥) الكافي ، ١ / ١٠٦ اي ٢٨٨ ، التوحيد / ١٠٠ ، الاحتجاج ، ٢ / ١٥٥ ، البحار ، ٣ / ٢٩٥.
(١٢٦) الكافي ، ١ / ١٠٤ اي ٢٨٢ ، التوحيد / ٩٨ ، البحار ، ٣ / ٣٠١.
(١٢٧) مقالات الإسلاميين ١ / ٢٥٧ ، ٢ / ١٨٢. وراجع : الدكتور علي سامي النشّار ، نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام ، ٢ / ٢٣٠ ، سهير محمد مختار ، التجسيم عند المسلمين / ١٢٧ ، والمصادر المشار إليها فيهما.