بأحكام الشريعة ، بل وتجاوزه كثير منهم إلى نسبتهم عامة أو إلى نسبة كثير من أعلام المعتزلة خاصة ، إلى الكفر والزندقة ، والخروج عن الملّة ، ولعنوهم وتبرّأوا منهم ، ولكنّ هؤلاء كلّهم صدّقوا المعتزلة فيما نسبوه إلى الامامية والى هشام وأمثاله من متكلّميهم. وانّهم مارقون من الدين إلاّ اذا خاصموا الامامية ، وانّهم كذبة مفترون إلاّ اذا نسبوا إلى الامامية قبيحاً أو حكوا عنهم فضيحة. ولا أطيل الكلام فيما قالوه في واصل بن عطاء ، وعمرو بن عبي ، وأبي الهذيل ، وثمامة بن اشرس ، والنّظّام ، والجاحظ ، وامثال هؤلاء من أقطاب المعتزلة وعلمائها.
والأنكى من هذا أنّ هؤلاء قد ساروا على نهج أسلافهم المعتزلة ـ الذين هم خصومهم العقائديين ، فحرّفوا وغيّروا ، وحذفوا واضافوا ، وأكملوا بذلك ـ بزعمهم ـ ما وجدوه من نقص في سلاح المعتزلة ، وتلافوا ما عثروا عليه من ضعف. وقد سقت امثلة لهذا فيما تقدم ، وسيأتي بعض الامثلة. ولا اقصد من كلامي هذا أن يرجع الذّيول عمّا ألفوه من طباع أسيادهم ، فقد قدَّمْتُ أنّ مثلَ هذا الرجاء قد انقطع عنّي ـ إلاّ اذا تحرروا من تلك الطباع وما اصعب هذا التحرر! ولكن قلت ما قلت لكي اجعله تمهيداً لبعض الكلام عن هشام بن الحكم والاراء التي نسبت اليه.
١٣ ـ نماذج مما نسبوه إلى هشام :
ولا يسعني هنا أنْ احكي بالتفصيل كلّ ما نسبوه إلى هشام من آراء ، وبامكان القارىء الكريم أنْ يرجع إلى ما أحكيه عن مقاتل بن سليمان ، وداود الجواربي ، فانّها نماذج صالحة تشبه ما حكوه عن هشام ، واكتفي هنا ببيان النقاط التي تدعونا إلى رفض نسبة مثل ذلك إلى هشام :
أ ـ انّ هشام بن الحكم كان في أوّل أمره جهميّاً ، من أتباع جهم بن صفوان (ـ ١٢٨ / ٧٤٥) ثم عدل عنه بعد ان اجتمع بالامام الصادق ، عليه